بقلم صبحية فرحات
لقد اعتدنا على أن يضعوا بفمنا ما يدعي” باللهوة “.. يسكتوننا بطريقة ذكية ليسرقوا من أفواهنا مطالبنا ،
فيضحكون علينا بما تمتلك أيديهم، لا ينظرون إلينا بعين الأم الرحيم.
أحدهم يبكي جوعاً لكنّه يعمل بكد وتعب ليصنع من عرق جبينه شهادة جامعية لابنه أو لابنته على أمل أن يراه يوماً مرتاحا في عيش رغيد بوطن سَلْب الحقوق فيه كسلب الورد عن شرفات المنازل !
في هذا الوطن الغني بثرواته والفقير بعقول سيّاسييه ،
يقع العلم ضحية الشغب ، تموت الوطنية على باب الفقر ،
وتنتحر الهوية أمام دموع صاحب شهادة رسمية ،صاحب كفاءة ، يُوظّف مكانه صاحب النفوذ والسلطة ،
لو كان يدري “حسن كامل الصباح ” يوماً أن الكهرباء ستُجزأ يوماً حسب المنطقة وحسب الطائفة لكان حرمكم من ذكائه ، لكان خبأ ثروته العقلية لمن هو أحق منكم ،
لو كان يدري أنكم ستحاولون إقفال المكان الذي يتوارى عليه طالب علم ، طالب مستقبل لكان أبقاكم على القنديل تتقاذفون الشتائم لسرقة الكاز ،كما تفعلون الآن لأجل أطماعكم..
أين أنتم من العلم كي تطال يدكم مأوى الحرف ؟!
أين أنتم من التربية كي تطال يدكم المدارس والمدرسين؟!
حتى وصل فقر الضمائر لديكم لرمي إعياء طلابنا أرضاً،
أماتت الرحمة بكم أم أنكم اعتدتم على جعل هذا البلد مستوعبا كبيرا للنفايات ؟!
لقد وصل بكم الأمر أن ترفعوا سقف التقدير عن ذلك المكان الذي حضن طلاباً دون التمييز بين طائفة أو مذهب.
لقد رفعتم سقف التقدير عن الجامعة اللبنانية التي لا تردّ طالب علم، الغني قبل الفقير ، التي لا تبيع شهاداتها مقابل مبلغ من المال أو واسطة من رأس ما ،
تطاولكم على الجامعه اللبنانيه هو بالتالي تطاول على جميع الاختصاصات وجميع المتخصّصين، المهندسين، الأطباء ، المعلمين ، والإعلاميين الذين دفعوا ثمن شهاداتهم سهر الليالي وتعب دماغهم وإرهاقهم الجسدي كي يبنوا أنفسهم بأنفسهم، دفعوا دموعاً قبل مالاً ، منهم من اشترى كتبه من بيع الكعك، من الجلوس في دكان، أو في محل أحذية ، أو في متجر بضاعة ما ، ومنهم من اشترى كتبه من ما جنى أبيه كل الموسم الصيفي !
من المعيب التطاول على جامعة الوطن لإرضاء طمعكم وجشعكم وهنالك أشخاص يعتبرونها منفذهم الوحيد بالوقت الذي تتكاثر فيه الجامعات الخاصة التي لا يقل قسطها السنوي عن الست آلاف دولارا حتى يصل في بعض الجامعات لحدود الأربعين ألف دولار في اختصاصات معينة !
تطاولكم على الجامعة اللبنانية هو خدش لصورة الوطن ، ولجامعة الوطن ، ولأبناء الوطن الواحد ، تطاولكم على الجامعة اللبنانية هو تطاول معيب غير مقبول بتاتاً ، ولن يُسمح لأيٍّ كان أن يبصق في الصحن الذي لعق منه ، سيُكسر على رأسه حتماً..
جامعتنا وحدتُنا مأوانا ومستقبلنا الثمين فاحذروا المساس بها…