سنجبر الدكاترة على فك الإضراب.. وإلا!
2019-05-29
مقالات
561 زيارة
بقلم أ. د. أنور الموسى
“.. على الدكاترة في الجامعة اللبنانية فكّ الإضراب والعودة إلى صفوفهم فورا.. وعليهم تكثيف الدروس… ونحن سوف نصعد وتيرة الاحتجاجات ضدهم بشكل غير مسبوق!”
عبارات نارية أطلقها أحد ممثلي الطلاب الممدد لمجلسه منذ سنوات(أي غير منتخب أصلا)… في اعتصام نظم ضد أساتذة الجامعة الوطنية، وسط قرع الطبول والأناشيد الغريبة…!
رجّف خطابه آلاف الدكاترة الذين يشعرون بسعادة التعطيل” ويلكون رجلا على رجل”، وكادت كلماته”الركيكة” تقع على الأساتذة كالصاعقة، فسارع قسم كبير منهم إلى طلب النجدة ولف الإضراب فورا، وقيل إن بعضهم نسي الوقت، وهرع مسرعا إلى سيارته كي يوقف الإضراب ويحاضر حتى لو مصت الحكومة دمه، وحتى لو شحد كي يحاضر!
كلام بعض ممثلي الطلاب المدفوعين من سلطتهم أو أحزابهم، يلقي الضوء على الواقع المر الذي وصلت إليه أحوال أساتذة الجامعة اللبنانية.. واقع تماشى مع انقلاب القيم والمعايير.. واقع الأحزاب والسلطة المتهالكة التي ترفع إلى صفوفها الأولى من ترعرع على التشبيح والاستزلام والوصولية..!
أصوات طلابية وغير طلابية موجهة باتقان.. تقول للمظلوم ارضخ ثم ارضخ ما دام الزعيم يأمر وينهى! وما دام يجلس مرتاحا في قصره ويعلم أبناءه في أغلى جامعات العالم!
أصوات ترعرعت على الرضوخ وانتظار رضى الزعيم وباتت تهتف له ليل نهار بالدم والروح..!
فيا حضرة الممثل الطلابي الفيلسوف ويا استاذ أساتذتك… بم يطالب الأستاذ الجامعي ليواجه بأصوات نشاز تقول له اخرس حتى لو نهب مستقبلك؟ ألم يطالب فقط بالحفاظ على حقوقه المشروعة من صندوق وموازنة ومنح لأبنائه…؟ ألا يطالب السلطة بالايفاء بالتزاماتها وتعهداتها بالدرجات الثلاث أسوة ببقية الموظفين في القطاع العام؟ أيكون جشعا حين يطالب بالتفرغ والبعد من متاهات التعاقد؟ أيكون مجرما حين يحافظ على الحد الأدنى من حياة كريمة بعد التقاعد؟ أيكون ظالما حين يطالب بمكتبات متطورة وكليات مجهزة؟
يبدو أن التربية في لبنان بحاجة إلى إعادة نظر.. فالأولى أن تعدل المناهج لتدخل فيها مواد الأخلاق بعد أن أخفقت مواد حقوق الإنسان مع بعضهم في فهم الحق والعدالة!
للطلاب الأعزاء الحق كل الحق بالدرس وإنهاء العام الجامعي بخير بلا إضرابات.. لكن عليهم اولا أن يسألوا أنفسهم وضمائرهم: من يدمر الجامعة وبخنق أساتذتها؟ ومن وراء تهميشها؟ ومن أجبر اساتذتها على تجرع السم المر؟
وبالعودة إلى المتفلسف ضد حقوق الأستاذ الجامعي…
فحتى يصل إلى الجواب الشافي عن المسؤول عن الإضراب.. يكون قد عرف تماما تشبيح السلطة الكاذبة وطعنها بأهله ومستقبله.. وعسى أن يدرك ذلك قبل استدانته لسد ضرائب جواز السفر!