السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / قصة وسرد / بيروتوس وملكة الصنوبر!

بيروتوس وملكة الصنوبر!

بقلم أ. د. أنور الموسى 

بيروتوس وملكة الصنوبر!

كان يا ما كان..
في سالف العصر والأوان..
كان هناك ملك حزين.. أصيب بداء لعين.. أعيا الأطباء والحكيم.. فباتت لياليه مكدرة، وهمومه مكبرة.. ومملكته مصغرة.. كاد يبتلعها الحيتان، لولا مشورة العميان..!
قال له حكيمهم: مولاي يا حزين، إليك الدواء الرصين، يقيك من كل عين!
رد الملك بيروتوس: هات يا خبير! أنقذني يا بشير! علتي في داء الحسد! أطلب من فطنتك المدد! أنت الخبير في العدد!
جمع الضرير أترابه، شاورهم في الأمر، وشاركهم في الأجر!
كان بينهم شاعر قدير، أدبه مخلص كسفير.. قال هلموا إلى أم الشرائع! تدعي بالسامية بيروت! وبلغتنا غابة الصنوبر! يفوح منها العطر والعنبر! حرشها ينعش الصدور، ويزيل كل الشرور!
وصل الخبر إلى الملك بيروتوس! وسمع قصائد الضرير! فاشتف من عبرها الكثير..! وقال: شاعرنا كسراج منير!
سار الملك بقافلته إلى بيروت! توقف عند سورها والبيوت! طلب الإذن بالدخول والمكوث..! رحب به أهلها وسكانها! عرفوه من عدالته وشعارها! وشرائعهم ومنارها!
.. وصل إلى غابات الصنوبر! تأمل الحدائق والعنبر! وازهارا من كل الصنوف! مرتبة كالزينة في الصفوف! وتنشق الهواء العليل! وطرد من صدره الدخيل! وبدأت حالته تتحسن! وشعر بالفرق الكبير!
أيام مضت كالثواني، عاش بيروتوس بالعالم الثاني! غلفته الراحة والأمان! وعاد مفعما بالحيوية كالزمان! احتضنته الغابة بالحنان!
بدأ يقرأ في بيروت الشرائع والقوانين! فانبهر بالعدالة والمضامين! فالتقي بملكة الشرائع! أعجب بانوثتها والبدائع! طلب يدها بعدما تعافي من المرض! فاقيمت الولائم والأعراس! وقرعت الطبول والاجراس! ورحبت الكنائس والمساجد! بملك عادل وقائد!
ما ان انتهت الاحتفالات، حتى وصل الأعداء والقاذفات! حوصرت بيروت بلا إمدادات!
دبر الأمر الملك بيروتوس! وجهز خططه وهو القائد! وأرسل طائره مع رسالة الرائد! إلى حيث يتحصن جيشه الصامد!
وصلت لبيروت الإمدادات! هزمت الأعداء والويلات! انتصرت أم الشرائع! وعادت إليها البدائع!
بني بيروتوس القصر! في حرش الصنوبر والعمر! وقال لزوجته الملكة، قبل توحيد الإماراتين: لنا قلب في بدنين! نحن روح في جسدين!