السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / مقالات / الحجاب لي والقضاء للجميع

الحجاب لي والقضاء للجميع

بقلم الكاتبة تنديار الجاموس

الحجاب لي والقضاء للجميع
إذا كان الحجاب يثير الجدل في الدول الأوروبية وقد أصبح رمزاً يبعث الرعب في الوسط الغربي مؤخراً، تبعاً لنظرتهم إلى المسلمين التي تكوّنت على اثر ظاهرة الأسلاموفوبيا، فقد نجم عن ذلك رفض المحجبات في وظائف الدولة في تلك الدول، وقد نظمت العديد من المظاهرات ضد هذه الممارسات على اعتبار أنها من مظاهر العنصرية التي تمارس بحقهن…

اما اذا تطرقنا إلى الحديث عن بعض الدول العربية ومنها لبنان، فمن المستغرب أن تكون المرأة المحجبة قد حرمت من حقها في تولي الكثير من الوظائف، و أكثرها جدلاً هي الوظيفة القضائية التي يعود حرمانها من تولّيها إلى أعراف قديمة كانت نتاج موروثات دينية، علماً اننا لو عدنا الى القانون اللبناني فلن نجد في نصوصه ما يدل على التمييز بين النساء المحجبات وغير المحجبات في تولي منصب القاضي ، فقد كفل القانون احترام الحقوق والحريات العامة وحرية المعتقد واكدت ذلك ايضا المادة ١٢ من الدستور اللبناني التي اعتبرت ان لكل مواطن ومواطنة لبنانية الحق في تولي الوظائف العامة من دون تمييز ما دامت الكفاءة والجدارة والشروط المنصوص عليها في القانون قد توافرت ..

انما عملياً، ترفض جميع المحجبات اللواتي يتقدمن لشغل هذا المنصب سواء اكان منصبا شرعيا ام مدنيا..وذلك تحت ذريعة أن الحجاب هو رمز للمرأة المسلمة وبالتالي سوف تنحاز لتطبيق النصوص الاسلامية في ممارسة مهامها، وستفقد بذلك احد الشروط التي يجب ان تتوافر بشخص القاضي وهي التجرد و الحياد..

و لكن بحسب الحقوقية ميرنا طه ان هذه المسألة ليس لها علاقة بالسلطة الدينية وانما تعود لانتهاك السلطة السياسية للحريات العامة وهو تمييز جندري بحت بين الرجال والنساء .. وقمع لحرية المعتقد ..

و الحقيقة انه اذا كان رفض الحجاب يعود للسبب الذي سبق وذكرناه و فحواه الخوف من تطبيق القاضي المحجبة لأحكام دينها، فعندها نحن مجبرين على اسقاط الأمر على القاضي الملتزم بديانة اخرى فربما سينحاز ايضا لمعتقده !
اذاً الخلاف ابدا ليس بديني وانما هو تمييزي بحت ومجرد إجحاف بحق المرأة وعدم مساواتها بالرجل، ليس على مستوى هذا المجال فحسب وانما في مجالات وظيفيه اخرى وذلك بإجماع العديد من الفقهاء كاستبعادها عن منصب رئاسة الجمهورية مثلاً..

بالتالي، لا بد من اسقاط هذه الاعراف التي طالت حق المرأة، ويجب تطبيق احكام الدستور عملياً وعدم التعاطي الشكلي مع مدنية الدولة في السلك القضائي..