السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / قصة وسرد / رحلتي مع تهديد شاعر..

رحلتي مع تهديد شاعر..

بقلم أ د أنور الموسى

رحلتي مع تهديد شاعر ..!
… كنت يوما في إحدى الأمسيات في نادي طيردبا بصور أواخر العام ٢٠١٨. حالتي مرهقة وفي وعكة صحية ليست بالخطيرة!
اعتليت المنبر. ألقيت قصائد غزلية كي أكسر الرتابة ثم وطنية. ولست أدري ما الذي جعلني أسهو عن كلمة (قد) في إحدى القصائد، ما سبب خللا عروضيا! إذ بصوت جهور يردد: “قد” “قد” .. فانتبهت لخطئي الجسيم وصوبته مباشرة!
الصوت نفسه كان يردد عبارات الإشادة بشعري مع التصفيق!
انتهت الأمسية. تبادلت حديث الوجد مع الأستاذ يوسف عبد الله ابن بلدة معركة الجنوبية الذي شارك معي في الأمسية بأشعاره الدافئة.. إذ بذي الصوت الجهور الذي نبهني… يقول لي: معك الشاعر خليل عجمي! طبعا عرفته! لمَ لا وهو الشاعر الذي قرأت له في المرحلة المتوسطة قصيدة “أمي” التي طرحت مرة في الامتحانات الرسمية؟
من دون أن أخبره، رحبت به وقلت له: والله يا استاذ خليل سهوت عن كلمة “قد” مع أني كتبتها صحيحة.. انظر إلى الورقة! والله لا أدري كيف سقطت!
بدأ يشيد بشعري وسبكه ومتانة تركيبه ورصانته. ووقال لي: سوف أهديك ديوانين من شعري. شكرته. ولا أدري.. هل بقي يراقبني حتى أنزل من قاعة النادي؟ كوني نسيت ما وعدني به بسبب التصوير. نزلت إذ به يقف مع الشاعر الشاب محمد فرحات وهو شاعر طيب خلوق التقيت به في إحدى الأمسيات الشعرية!
أهداني ابن معركة الجنوبية الشاعر خليل عجمي ديوانين. وصوّرنا فرحات. مع أن الجو كان معتما قليلا. لكنها للذكرى..!
قال لي الأستاذ عجمي: ألم تدرِ يا د. موسى أني اكتشفت بحرا جديداً؟ أتمنى منك لفت أنظار طلابك إليه، وأتمنى منك اختيار قصيدة من شعري لتدريسها لطلابك. طبعا رحبت بالفكرة وقلت له أن أبشر..
وعدته طبعا عن قناعة.. ولأني تغنيت طفلا بأبيات لهذا الشاعر الطيب الأصيل! فهل ينكر فضل أهله الولد؟
مرت أيام، إذ بالشاعر عجمي يتصل بي، سألني: ألا تعرفني يا أستاذ أنور؟ ولم لا يرد اسمي في موسوعة “شعراء جبل عامل المعاصرون”؟ يبدو أنك تامرت علي مع المتآمرين!
الموسوعة الأخيرة مهمة جدا فيها سير الشعراء العامليين بأقلامهم، وقصائد من نتاجهم مطبوعة وبخط اليد، ساهمت في إعدادها مع رئيس مركز البحوث العاملية د. حسن عاصي!
قلت له والله يا أستاذ، أعلن د. حسن والمركز عن الموسوعة مرارا، فلم لم ترسل موادك؟ وغالبية من شارك فيها لم يتصل بها د. حسن! وحين التقيت بك في الأمسية، كانت الموسوعة انتهت وصدرت تمهيدا لإطلاقها.. وطمأنته أن اسمه سيرد في الطبعة الثانية المنقحة! قال لي: يكفي أن يشير الدكتور حسن في مهرجان إطلاق الموسوعة الي وإلا سوف ألجأ إلى سلاح الهجاء.. قلت له: لك ما تريد..
اتصلت بالد. حسن وأخبرته، وقلت له أتمنى منك ذكر اسم خليل عجمي كونه سقط من دون قصد من الموسوعة.. ففعل ونوه د. حسن بالاستاذ خليل وأشاد به، ومدحه كثيرا في المهرجان!
وفي هذه الأثناء، كنت قد توقفت عن تحليل القصائد في مادة البلاغة في الجامعة. وتتالت العطل والأيام العاصفة. إذ بالاستاذ عجمي يرسل لي عبر “الواتساب” رسائل صوتيه فيها من التهديد والوعيد الشيء الكثير. السبب أني لم أحلل قصيدة له وكوني لم أشر إلى بحره الجديد. صعقت. غضبت. قلت في نفسي: لعل أحدهم حرضه ضدي! سوف أستوعبه كونه طيبا ابن أصول!
ما آلمني أنه عيرني بالديوانين اللذين أهداني إياهما. فرديت عليه بكلام ملؤه الاحترام والتهذيب…وقلت له: ساعد نفسي لا اسمع شيئا، وتبقى أخا عزيزا…
ولن أطيل الكلام في مضمون رسالتي له.. لكن ما حول غضبي إلى سعادة، قصيدة مدح واعتذار من الأستاذ عجمي، نشرتها مغتبطا سعيدا على حسابي في الفايسبوك، ووصفتها بالهدية الغالية والكلمة التي خلدتني مع شاعر عاملي بامتياز هو خليل عجمي!
ونشرت على حسابي مع صورتي قرب قلبه:
هدية معبرة لي من الشاعر العاملي خليل حسين عجمي وبدوري أشكره جزيلا…
رسالة إلى الشاعر الكبير الدكتور أنور الموسى المحترم

بعثت لأنور جمر الكلام
فأرسله لنا ثلج الغمام

عجبت فكيف أثلج لي فؤادي
وكنت أذقته حر السهام

فنار الحرف في الميدان تكوي
كنار السهم في حرب الكلام

بعثت إليه تهديدا لئيما
فبادلني بحب واحترام

شننت عليه من غضبي هجوما
عنيفا لاذعا كالنار حام

فرد علي ردا موسويا
مليئا بالمحبة والوئام

رشقت عليه ألفاظا غلاظا
فحولها إلى ريش النعام

وأرسلها إلينا في كتاب
من الأخلاق
مع طير الغرام

صفاتك يابن موسى علمتني
بأن الحلم من طبع الكرام

عجبت لردك المملوء حبا
وعطرا قد تقطر من خزام

فأنت بعالم الأخلاق نجم
ورمز للمحبة والسلام

فسامحني على ما كان مني
فأن العفو من شيم العظام

ولي في حبكم شرف عظيم
إذا كان الرضا مسك الختام
…………..
أخوكم الذي يتشرف بصداقتكم
خليل عجمي
معركة في 5…1…2019