رحلتنا داخل هرم ماسلو (الجزء الأول)
2019-03-03
مقالات
372 زيارة
بقلم الكاتب علي سليم
في عالم الإنسانية الذي نعيشه، ومع التفاعلات اليومية، هناك مؤثرات تضغط علينا خارجيا وداخليا تبدأ من العائلة الأولى_ الأب والأم أبطالها , ثنائي التأسيس اللذان يعملان جهدهما لصناعة شخصية مشرفة تمثل قيمهما وقيم المجتمع . هما مدراء المصنع لشركة عائلية تنتج أهم ما يمكن انتاجه ألا وهو الانسان. من خلالهما يرى المولود الحياة الأولى فيحكم عليها ويلبس النظارة لأول مرة، فيرى ما يرون ويلبس ما يريدون ويأكل ما يطعمونه اياه .
حتى الآن الأمور تسير على ما يرام، فالحاجات الفسيولوجية يتم اشباعها بشكل سليم وهي المرحلة الأولى من هرم ماسلو.
ننتقل بعد ذلك الى الحاجة للأمان, هنا ينظر الطفل الى والديه ليشاهد طبيعة العلاقة بينهما , فاذا كانت مضطربة اهتز أمنه وبات يرى العالم في حرب مشتعلة ينتظر شررها في كل لحظة لتحرق كيانه , واذا كانت علاقة آمنة مبنية على الحب والمودة والاحترام , نشأت داخل نفسه بيئة آمنة ستكون أرضا خصبة للسعادة والراحة النفسية .
وننتقل الى المرحلة الثالثة من هرم ماسلو , لنتكلم على الحاجة الى الانتماء , فاذا كانت النظارة في المرحلة السابقة سوداء , سيسعى الطفل للانتماء إلى كل ما يضر بالمجتمع , فيرهب الأخرين ويسعى الى تدميرهم بدل من تدمير ذاته , فالخوف يقتله , والعدوانية تدفعه لنقل شعوره خارج النفس والجسد . لنسمع بذلك عن جرائم القتل والاغتصاب والسرقة وغيرها . وإذا كانت نفسا مطمئنة , ستسعى الى الانتماء لكل سلم وسلام , ولكل مبادرة طيبة , تنشر الخير وتعمل على تقليص الشر ومحاربته , تحب المجتمع وتقدم له افضل ما لديها , أصحابها الأخيار وتحب كل جانب ايجابي في الاخر وتعمل لتغيير الجانب السلبي بالكلمة الحسنة .
ثم تتطور الافكار والعلاقات والاعمال , لنصل الى مرحلة الحاجة الى التقدير , فينتظر الفرد التقدير من الاخرين ورأيهم بما يفعل , فإذا كان في عالم الظلام كان التقدير من قبل المجرمين داخل عالمه اهم من تقدير الأخيار, والعكس صحيح، فما اجمل الكلمة الطيبة المرتبطة بالعمل الصالح، وهي الأجر الباقي والمستمر .
وفي آخر الهرم, يسعى الطفل الذي يكبر الى تحقيق الذات وصناعة انجازات متراكمة ليوظف من خلالها طاقاته وقدراته, ولكن من الأهمية بمكان ان نتذكر بان النظارة الأولى (العائلة الأساس) هي المنطلق الذي ترتبت عليه تلك الرؤية للحياة , فإما أن يتخذ الفرد منحى الخير، او أن يسلك طريق الشر , لذلك نقول (نحن صنيعة أبناءنا).
ولكن السؤال المطروح, هل سيستمر الطفل ضحية العائلة الأولى لتنقله من اسفل الهرم الى اعلاه في نفق بناه والداه, أم يمكنه كسر النمط وإعادة صياغة جديدة في حياته ؟
وهذا ما سنتناوله لاحقا …