الخبير بشؤون القدس د. عبد الله معروف:متأكد 100% أن المسجد الأقصى سيشهد قريباً يوم الحرية العظيم
2019-03-01
مقابلات وتحقيقات
533 زيارة
حاوره أ. د. أنور الموسى بالتنسيق مع الأستاذة الأديبة سهام صبرا ألكسواني
الدكتور عبد الله معروف، يحمل درجة الدكتوراه في دراسات بيت المقدس من جامعة أبردين في بريطانيا، وعمل في المسجد الأقصى المبارك من العام 2000 إلى 2002م، وكان مسؤولاً للإعلام والعلاقات العامة والإرشاد الأثري في لجنة التراث الإسلامي التي كانت تشغل مبنى باب الرحمة في الأقصى المبارك.
وتخصصه العلمي والعملي بالدرجة الأولى هو دراسات بيت المقدس، خصوصا المسجد الأقصى المبارك وما يتعلق بتاريخ المنطقة، وعلاقة النبي صلى الله عليه وسلم بها.
ويعمل حالياً أستاذاً للتاريخ الإسلامي في جامعة (إسطنبول 29 مايو) في مدينة إسطنبول التركية…
فما موقفه مما يحدث للأقصى الآن؟ وما رأيه في ما حدث لباب الرحمة؟ ومن المسؤول عن وضع القدس والمقدسات؟ وما دور الأمة والمرابطات في الدفاع عن الأقصى؟
تلك بعض الأسئلة التي أجاب عنها د. عبدالله معروف لمجلة إشكاليات فكرية، بالتنسيق مع ملتقى شعراء وأدباء العرب..
_كيف تصف وضع القدس في ظل الاحتلال؟
الاحتلال هو المشكلة الأساسية والمركزية التي تعاني منها مدينة القدس، هذه النقطة يجب أن يفهمها الناس جميعاً، وكل المشاكل الأخرى التي تعاني منها المدينة من التهويد والهدم وسياسات الإبعاد والاعتقال والضغط على المقدسيين والاعتداء على المقدسات والأملاك والحفريات وكل المشاكل الأخرى، إنما تنبع بالفعل من المشكلة الأساسية، وهي الاحتلال نفسه، لذلك فإني أرى أن نظرة بعض الناس إلى كون المدينة المقدسة في وضع الخطر مسألةٌ غير صحيحة فعلياً، لأننا لسنا في مرحلة الوقاية، بل إن الخطر – وهو الاحتلال – قد وقع بالفعل، وانتقلنا الآن إلى مرحلة العلاج والتخلص من هذا الاحتلال وتبعاته.
تعاني مدينة القدس من محاولات الاحتلال الصهيوني إضفاء الصفة التهويدية على المدينة، في مسعى لتغيير هويتها الحضارية والتاريخية إلى هوية غريبة عنها، وتحت هذا تندرج كل الإجراءات الصهيونية بحق أهلنا المقدسيين من سياسات الإبعاد والتهجير خارج المدينة المقدسة بكل الوسائل المتاحة لدى سلطة الاحتلال.
_ما دور المرأة المرابطة في المواجهة والدفاع عن الأقصى فيما الجيوش العربية والإسلامية تقتتل؟
أثبتت المرأة المقدسية أن لها دوراً لا يقل أهمية – بل لعله يزيد – عن دور الرجال في مواجهة المشروع الصهيوني في المسجد الأقصى المبارك، ويشهد لذلك أن الاحتلال كان سابقاً عندما يمنع المقدسيين تحت سن معين من دخول المسجد الأقصى – في حالات تخوفه من حدث معين – يستثني النساء من هذه القوانين، وذلك كان بسبب اعتباره أن المرأة ضعيفة لا تشكل خطراً على مشروعه، ولكن ظهور المرابطات في المسجد الأقصى المبارك ووقفتهن المشرفة في وجه الآلة الصهيونية، كان مفاجئاً للاحتلال بكل معنى الكلمة، ويكفي للتدليل على ذلك أن المرابطات في المسجد الأقصى هن من نبهن الرجال إلى خطورة ترك باب حطة مغلقاً في آخر أيام هبة باب الأسباط عام 2017، فقد كانت الصورة لدى المرابطات أوضح مما كانت عليه لدى بعض الفعاليات الرسمية والشعبية، وهو ما أدى بالنهاية إلى انتصار المسلمين نصراً كاملاً بإعادة فتح جميع بوابات المسجد الأقصى المبارك وعلى رأسها باب حطة الذي كان الاحتلال قد قرر إغلاقه بحجة كونه المدخل إلى الحدث الذي أطلق هبَّة باب الأسباط في ذلك العام أسوةً بإغلاق باب المغاربة، ولولا المرابطات ووقفتهن المشرفة لانتهى الأمر بالباب مغلقاً، ولذلك فإنني لا أستغرب هذه الهجمة الصهيونية الشرسة على المرابطات ومحاولات منعهن من دخول المسجد الأقصى المبارك والتشديد عليهن.

_لماذا لم تنجح إسرائيل في مسعاها في التهويد؟
يمكن أن نقول باختصار إن دولة الاحتلال ما زالت لا تفهم أن كل خططها في مدينة القدس ولا سيما في المسجد الأقصى المبارك، لا يمكن أن تنجح بأي شكل، لسبب بسيط هو وجود الشعب المقدسي لها بالمرصاد، خصوصا أن المنطقة التي تحيط بالمسجد الأقصى في قلب المدينة المقدسة لا تزال منطقة عربية فلسطينية الصورة بالكامل، ولا يمكن لدولة الاحتلال أن تتغلب على هذا المد البشري الضخم، ويكفي للتدليل على ذلك أن نشير إلى أنه في البلدة القديمة بالقدس وحدها يسكن حول المسجد الأقصى المبارك أكثر من ثلاثين ألف مسلم، لا يقابلهم أكثر من خمسة آلاف يهودي فقط، هذا بالإضافة إلى أن التركيبة السكانية المقدسية بحد ذاتها تحيط بالمسجد من كل النواحي، ما يجعلها العقبة التي لا يمكن لدولة الاحتلال تجاوزها مطلقاً مهما حاولت، وهذه النواة الشعبية الصلبة التي تلتزم بالبقاء في قلب المدينة المقدسة هي الضمانة الأساسية لفشل المشروع الصهيوني في القدس، وهي أهم أسباب هذا الفشل.
_من المسؤول عما آلت إليه أوضاع الأقصى؟ وهل من مسؤولية على الاردن بوصفها راعية الأوقاف؟
المسؤول الأول عما آلت إليه الأوضاع في المسجد الأقصى المبارك هو الأنظمة والحكومات العربية للأسف الشديد، ولا أخصص هنا حكومةً دون حكومة، فالأردن يحاول ضمن المتاح له من مساحة للمناورة الحفاظ على السيادة والوصاية الأردنية على المواقع المقدسة والأوقاف في مدينة القدس، وهذه نقطة مركزية في الحفاظ على المسجد الأقصى المبارك، وهذه الأماكن المقدسة، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن لدى الأردن أوراقاً أكثر وأشد ضغطاً على الاحتلال يمكنه اللعب بها لتقويض المشروع الصهيوني في القدس، وأهم هذه الأوراق هي معاهدة السلام نفسها! فدولة الاحتلال لا يمكنها المقامرة بخسارة معاهدة السلام بينها وبين الأردن – صاحب الحدود الأطول مع دولة الاحتلال – إذا ما تعارضت مع مصالحها في القدس، فالقدس بالنسبة إلى دولة الاحتلال – وهذه مسألة أمر واقع – ليست مركز الدولة وإن كانت العاصمة السياسية! فمركز ثقل الدولة كلها يقع في مدينة تل أبيب والساحل، وهذا الأمر يجعل تمسك دولة الاحتلال بمشروعها في القدس أمراً ذا طابع رمزي أكثر منه واقعي سياسي، وأنا متأكد أن دولة الاحتلال يمكنها أن تتخلى عن مشروعها في القدس أو المسجد الأقصى المبارك إذا ما وصلت إلى قناعة تامة بأن هذا التمسك قد يضر بمصلحتها العليا التي تعني البقاء والاستمرارية.
المشروع الصهيوني فقد أفقه حالياً، وانتقل من مرحلة التوسع إلى مرحلة التقوقع والاستمرارية، وهذه نقطة ضعف أساسية في هذا المشروع ينبغي على جميع الأطراف أن تتعامل معها بمنتهى الحكمة والتقاط الفرصة وعدم تضييعها، والأردن مدعو لاستغلال هذه النقطة من أجل تأكيد وجوده وشرعيته وسيادته في المدينة المقدسة، وهذه نقطة يحميها القانون الدولي وتؤكدها معاهدة السلام وينبغي استغلالها جيداً.
_ما الرسالة التي توجهها المرأة المقدسية للأمة من خلال صمودها ورباطها؟
أهم رسالة توجهها المرأة المقدسية للأمة كلها هي أن القدس ليست مسؤولية الرجل وحده، وأن المرأة ليس الطرف الأضعف عندما يكون الأمر متعلقاً بالمقدسات، وإنما يمكنها أن تكون الطرف الأقوى، وأنها عندما تؤدي دورها في حماية المقدسات والصمود في وجه الاحتلال إنما تسحب البساط من أي متخاذل من أبناء الأمة قد يحتج بعدم القدرة على دعم مقدساتنا في القدس والحفاظ عليها.
_ما سبل استرجاع الأقصى؟
نقطة واحدة: أن نفهم ما فقدنا بفقدان المسجد الأقصى.. ونفهم أن القدس جامعة للأمة لا مفرقة لها، فعندها توب الفروق تماماً ويمكن أن تشكل نقطة اتحاد بين أبناء الأمة على مشروع واحد، فإذا اتحدنا في حماية المسجد الأقصى المبارك كان بإمكاننا تحريره من الاحتلال بإذن الله.

-هل هناك مخاطر أكبر على المقدسات؟ وما دور الأمة؟
قلت إن الخطر الأكبر على المقدسات هو الاحتلال، وهو خطر قد وقع بالفعل، ويجب العمل الآن على حله ومعالجته لا الوقاية منه. ودور الأمة كبير جداً وهو تحرير المقدسات، فتحرير القدس والأقصى والمقدسات ليست مهمة المقدسيين بل مهمة جميع أبناء الأمة، أما المقدسيون فدورهم الصمود في وجه هذه الاحتلال والدفاع عن المقدسات ريثما تقوم الأمة بدورها المطلوب.
_ما دور الإعلام في هذا الشأن؟
دور الإعلام كبير جداً، فمن دون الإعلام لا يمكن للناس في الخارج أن يفهموا ما يحدث، ويعلموا طبيعة دورهم في هذه القضية، وعلى الإعلام الواعي عدم الاكتفاء بنقل الصورة، بل بشرح وتثقيف الناس بدورهم وكيفية القيام به للحفاظ على المقدسات واستعادتها من الاحتلال.
_هل أنت متفائل بتحرير الأقصى؟ وبم شعرت حين فتح باب الرحمة مؤخرا وصلى به الناس؟
لست متفائلاً.. بل متأكد 100% من أن المسجد الأقصى المبارك سيشهد قريباً يوم الحرية العظيم، ومشهد دخول الجموع إلى باب الرحمة كما كان مشهد دخولهم من باب حطة وباب الأسباط أعده “بروفة” ليوم التحرير القريب بإذن الله، وليس لدي أمل في هذه المرحلة أكثر من أن أتشرف بالمشاركة في ذلك اليوم العظيم وشهوده هناك بإذن الله.