شعر د. أيمن أحمد رؤوف القادري
15 كانون الثّاني 2019
***
أَطْلِقْ طُيوري في الفَضَاءِ الأَرحَبِ،
لِتَشيدَ عُشًّا في سَديمِ الكَوكَبِ
أَطْلِقْ طُيوري يا خَيالُ، فلَمْ أَعُدْ
أَرقى لِفَهْمِ جُــــمُوحِها الـمُتَوَثِّبِ
وَطُيوريَ العَصْماءُ لَيسَ يَـحُدُّها
قَفَصٌ، ولَوْ حُفَّتْ بِكُلِّ مُذَهَّبِ
بَينَ الخوافي والقوادِمِ قُوّةٌ
سِحريّةٌ، خَانَتْ رُؤايَ ومَذْهَبي
إنِّي ضَجِرتُ منَ الحروفِ: أَزُورُها
وَتَزُورُني. ومتى نُثَرثرْ نَكذِبِ
ولقَدْ أُنقِّبُ عَن كلامٍ باهِرٍ،
فإذا طُيورُ الشِّعرِ تُفسِدُ مَطلَبي
ما كُنتُ أُطعِمُها حُبوبًا حُرّةً،
فَخَنَقتُ حَنْجَرَةَ الـمُغنِّي الـمُطْرِبِ
أسْكَنْتُها دَومًا كُهُوفَ مَـجَرَّتي!
فإلامَ أَسألُـها عُذُوبةَ مَشْرَبِ؟
وكمِ انتَزَعتُ الرِّيشَ مِنْ أجسادِها،
وغَمَستُهُ بالـحِـبرِ دُونَ تَـأدُّبِ
لمَ لَمْ أُضَمِّخْهُ بِعِطرٍ هاربٍ
مِن عالَمِ الأسرارِ، أو مِن غَيهَبِ؟؟
أَغلَقتُ بابي، وانزَوَيتُ مُرَدِّدًا
إرثَ العُصُورِ، بِصَوتيَ الـمُستَعذَبِ
أَهمَلتُ أَشجارَ الـخَيال،ِ كأنَّها
أشجارُ مَنزليَ الكَئِيبِ الـمُتعَبِ
***
لا تَبحَثي في الأَرضِ عَن أُعزُوفةٍ
عُلوِيّةِ الإيقاعِ رَيَّا الـمَوكِبِ
فِرِّي، طُيُوري، وابحَــــثي عن عالَـمٍ
مُتَدَلِّلٍ مُتَمَنِّعٍ مُتَحَجِّبٍ
سُوقي الغُيومَ إلى الأعالي، أَنشِئي
مِن رَطْبِها كَفَنًا لِشَعري الأشْيَبِ
أَو أَنشِئي مِنها سَريرَكِ في الـمَدى،
في الكَوكبِ الـمَرمُوقِ، نَامي، واكتُبي
هيَّا، اترُكيني، قَد سَجَنتُكِ ظالِـمـًا،
ودَعي وَداعي، لا وَداعَ لِمُذنِبِ
لا تَقبَلي إلَّا النُّجومَ مُسامِرًا،
ونَيازِكَ الأُفُقِ الوَقُورِ الـمـُحتَبي
ولتَجعَلي القُوتَ الثُّلوجَ، أوِ اللَّظى
يَنثَالُ مِن قُرصِ الشِّهابِ الأَصهَبِ
***
ما بينَ قُبَّرِةٍ تُغازِلُ غُصْنَها
وغُرابِ بَينٍ في الخرائِبِ مُكرِبِ
أيًّا تَكُوني، يا طُيوري، غادِري
قَبري، وعِيشي في جُنُونِ تَغَرُّبِ
طِيري بأَجنِحةِ السَّلامِ، وحاذِري،
أن تَرجِعي! طيري، ولا تَتهيَّبي
