الشاعر أ. د. محمد توفيق أبو علي: غزارة الشعر في وسائل التواصل تحمل خللا ما!
2019-01-12
مقابلات وتحقيقات
927 زيارة
حاوره أ. د. أنور الموسى بالتعاون مع الأستاذ محمد توبة
الشاعر أ. د. محمد توفيق أبو علي: لا أفهم شاعرا أو أديبا لا يتبني الهمّ الإنساني
“الغموض هو الذي يجعل اللبس محيقا بالشاعر أدونيس”
“غزارة النشر في وسائل التواصل تحمل خللا ما”
حاوره أ د. أنور الموسى م
عميد سابق لكلية الآداب في الجامعة اللبنانية. يتنفس أدبا وشعرا. ملتزم. دائم الدفاع عن الضاد. يفضل مخاطبة معارفه بالفصحى. متمسك بالتراث، مع الانفتاح على المعاصرة. يشجع على الكتابة والإبداع. تيقن وهو في مركز إداري عالٍ في الجامعة الوطنية بأن المناصب لا تدوم، دخل إلى مكتب صديق، ودوّن منه بيت شعر لشاعر مجهول:
وأعزُّ ما يبقى وداد دائمٌ…. إن المناصب لا تدوم طويلا
فأضاف البيت الآتي من إبداعه، وجعله شعاره:
فإذا مررت بمنصب فاترك ورا…. ءك للورى أثرا يضوع جميلا

… إنه الشاعر الأستاذ الدكتور محمد توفيق أبو علي الذي كان لنا معه هذا الحوار…
1_من هو الشاعر الأكاديمي الأستاذ الدكتور محمد توفيق أبو علي؟
… ريفيّ سبك الحرف… أسعفته الحياة بسوانح أهّلته أن يكون صديقا لهذا الحرف الذي فكه ذات يوم.
٢—من الذي أثر في موهبتك الأدبية؟
موارد التأثير التي أحب أن أسميها بموارد “النفع والانتفاع” كثيرة، أذكر بالخير أستاذا لي من دار المعلمين والمعلمات بزحلة الشاعر المرحوم خليل فرحات الذي منحني ثقة بقدراتي، وأسبغ علي من الاهتمام ما جعلني مستمتعا بمتابعة المسير. أما في الجامعة، فأساتذتي كانوا من عليّة القوم، وجودهم في حياتي كان سانحة أفدت منها، وحاولت أن أغتنمها لصقل موهبتي، وأذكر هنا المرحوم د. ميشال عاصي والمتوهج الدائم الشاعر أدونيس…

٣_هل لقريتك من أثر في مسيرتك الإبداعية؟
طفولتي عشتها في قريتي الوادعة؛ هي القصة الربانية المسماة “كامد اللوز”، وهي التي أسبغت عليّ رداء ارتديه في كل الظروف، صيفا يرد عني الحرّ، وشتاء يحميني من القرّ، وأنا بينهما طفل عصي على الزمن!
٤_يلاحظ تبنيك الهم الإنساني والأدب الملتزم… ما المسوغات؟
لا أستطيع البتة أن أفهم شاعرا أو أديبا لا يلتزم الوجع الإنساني، ولا يعبر عنه بما يليق به.
٥_ما موقفك من أدب البرج العاجي؟
ذكرت اسم أدونيس، ووصفته بالمتوهج الدائم، وهو شاعر مهم. و إشكاليتي إزاءه عدم وضوح التزامه في نصه، مع أني أعده من الملتزمين، لكن دثار الغموض هو الذي يجعل اللبس محيقا بهذا الشاعر.
٦—ما هي مفردات الالتزام التي تتبناها في أدبك؟
أن تكون ملتزما يعني أن تكون جامعا الصدق والجمال في التعبير عنه، والالتزام ليس له وجه أحادي، فأن تكون شاعرا ملتزما يعني أن تجعل حرفك حجرا يرميه أطفال فلسطين في وجه الطغاة، ويعني أن تكون واحة وجد لكل واجد.
٧_ما شكل القصيدة الذي تتحيز له..؟
أنا مع الشعر بمعزل عن شكله، ومهم أن يشعر المتلقي بجمالية ما يجذبه إلى النص ولا يستطيع منها فكاكا، وهنا أغتنمها سانحة لأقول وأنا العروضي: إن الشعر خارج الوزن العروضي أصعب بكثير من الشعر ضمن هذا الوزن…
ونجد ما يشبه الخلل الفادح عند كثير من الشعراء الشباب الذين بستسهلون الكتابة من دون حيازتهم ذخيرة تراثية تؤهلهم أن يعيدوا صوغ التجربة الإنسانية بما يقيم تواصلا بين التراث والمعاصرة. و وهنا أقول: في الشعر الحقيقي يجب البحث عن التناغم بين إيقاع اللفظ وإيقاع النفس.
٨-ما موقفك من الخاطرة… ؟
أفرق بين الأجناس الأدبية.. فالخاطرة لها كينونتها، ولا أعدّها شعرا… فالشعر قد يكون خارج الوزن العروضي أو داخله، أما الخاطرة فهي نص وجداني مفعم بجمالية تميزه من النثر العادي. وهنا أقول: إن ما سمي بقصيدة النثر قد يكون شعرا أو خاطرة، والنص هو المعيار.
٨_ما رأيك في غزارة نشر الشعر في وسائل التواصل الاجتماعي وقراء هذا الشعر؟
الغزارة تحمل معها خللا ما، وسهولة النشر، وغياب المعايير النقدية تضعنا في شيء من الفوضى.. وهنا أقول إن إشكالية الإبداع توزعت بين مبدع وناقد وقارئ، والقارئ الذي أعنيه هو الذي يتحلى بقدر من الثقافة تؤهله أن يحسن التذوق…
٩-ما جديدك…؟ ولم لا تفصل نصوص الشعر في مجموعة خاصة؟ وما نتاجك؟
جديدي بعض النصوص كما هي الحال مع كتاب “ضوع الياسمين”، بين شعر وخواطر وحكايات. ولا أجد مسوغا للفصل بين أحوال تعتري المبدع في لحظة عطائه… فضلا عن أبحاث ودراسات جمة…
١٠-هل من دافع للإبداع عندك؟
أنا مع القول: إذا استطعت أن لا تكتب لا تكتب، وإذا لم تكن الكتابة كحال الولادة عند المرأة فهي مفتعلة باردة!
١١—ما كلمتك الأخيرة؟ وماذا تهدي لقرائك؟
أتمنى من الجيل الشاب أن يبدأ من التراث لكي يصل إلى المعاصرة وفق رؤية حداثية لا تبتر التواصل بين ما كنا وما سنكون.
ماللنخيل نأتْ عن قُضْبِهِ الرُّطَبُ
وما لحلْمٍ نأتْ عن دربِهِ الهُدُبُ
القحطُ أيبس حرفًا في معاجمنا
والغيثُ خُلَّبُ برقٍ ماؤه كَذِبُ
يا ضادُ إنّي لأرجو اليومَ غادِيةً
على الحناجر حتّى يَنْطِقَ العَرَبُ!
