السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / قراءة في كتاب / هل حقا سيموت الغرب قريباً؟!

هل حقا سيموت الغرب قريباً؟!

تعليق أ. د. أنور الموسى

قراءة في كتاب موت الغرب للمؤلف الأمريكي : باتريك جيه بوكانن
كتاب : (موت الغرب)
للمؤلف الأمريكي :
باتريك جيه بوكانن

بوكانن سياسي ومفكر أمريكي، كان مستشارا لثلاثة رؤساء أمريكيين .. وهو كاتب لعمود صحافي دائم في عدد من الصحف الأمريكية ومؤسس ثلاثة من أشهر برامج التلفزيون في أكبر محطتين امريكيتين :
( إن. بي. سي) و (سي. إن. إن)
من مؤلفاته:
– يوم الحساب
– وحالة طارئة
– وعندما يصير الصواب خطيئة
– والخيانة العظمى
– ومحق منذ البداية
– وجمهورية لا إمبراطورية
والكتابان الاخيران من أكثر الكتب مبيعاً في الولايات المتحدة.

والكتاب الذي نحن بصدده ..

كتاب موت الغرب يبشر بنهاية الغرب، والموت الذي سيجتاح الغرب نوعان :
– الأول أخلاقي ..ناتج عن السقوط الأخلاقي الذي الغى كل القيم التربوية والأسرية والأخلاقية التقليدية ..
– وموت ديموغرافي وبيولجي
ناتج عن النقص السكاني بالموت الطبيعي…
ويظهر في الأسرة والسجلات الحكومية اضمحلال القوى البشرية في الغرب وإصابة ما تبقى منها بشيخوخة لا شفاء منها إلا باستقدام المزيد من المهاجرين الشبان أو بثورة حضارية مضادة تعيد القيم الدينية والأخلاقية إلى مكانتها التي كانت من قبل..
فبحسب الكاتب الموت القادم مريع و مخيف، لأنه وباء ومرض من صنع أيديهم ومن صناعة أفكارهم… اي انه ليس خارجيا، ما يجعل هذا الموت أسوأ بكثير من الوباء الأسود الذي قتل ثلث سكان أوروبا في القرن الرابع عشر ..
فالوباء الجديد لا يقتل إلا الشباب، ما يحول الغرب عموما وأوروبا بشكل خاص إلى (قارة للعجائز)!
واستند المؤلف إلى الوقائع لا التخمينات، واعتمد على الإحصائيات، د حيث هبط (معدل الخصوبة) عند المرأة الأوروبية إلى (1 طفل) لكل امرأة، علما أن الحاجة تدعو إلى معدل (طفلين) كحد أدنى لتعويض وفيات السكان الموجودين الآن من دون الحديث عن زيادة عددهم ..
وإذا بقيت معدلات الخصوبة الحالية على ما هي عليه، فإن سكان أوروبا البالغ عددهم 728 مليون نسمة بحسب إحصاء عام 2000م سيتقلصون إلى 207 ملايين في نهاية هذا القرن الى اقل من الثلث..
وفي المقابل ففي الوقت الذي تموت فيه أوروبا نتيجة نقص المواليد، يشهد العالم الثالت كالهند والصين ودول أمريكا اللاتينية ( بالتحديد العنصر المسلم) انفجارا سكانيا لم يسبق له مثيل، بمعدل 80 مليونا كل عام، ومع حلول عام 2050م سيبلغ مجمل نموهم السكاني 4 مليارات إضافية (4 مليارات اضافيه من البشر) وهكذا يصبح كابوس الغرب حقيقة وتصبح أوروبا بكل بساطة ملكا لهوﻻء بعد وقت ليس بالبعيد !

ويقول المؤلف :
(إن الأرقام تصبح مخيفة أكثر عند تناولها لتشخيص مرض النقص السكاني على مستوى الدول والأمم بعد 50 عاما من الآن)، ففي ألمانيا سيهبط التعداد السكاني من 82 مليونا إلى 59 مليون نسمة ((وسيشكل عدد المسنين ممن تجاوزوا الـ65 عاما أكثر من ثلث السكان)..
أما إيطاليا فستشهد تقلص عدد سكانها البالغ 57 مليونا إلى 41 مليونا (وستصبح نسبة المسنين 40 % من التعداد العام للسكان) وفي إسبانيا ستكون نسبة الهبوط 25 %..
وستشهد روسيا تناقص قواها البشرية من 147 مليونا إلى 114 مليون نسمة ولا تتخلف اليابان كثيرا في اللحاق بمسيرة الموت السكاني، فقد هبط معدل المواليد في اليابان إلى النصف مقارنة بعام 1950، وينتظر اليابانيون تناقص أعدادهم من 127 مليون نسمة إلى 104 ملايين عام 2050م ..

لكن السؤال ههنا…
لماذا توقفت أمم أوروبا وشعوبها عن إنجاب الأطفال وبدأت تتقبل فكرة اختفائها عن هذه الأرض بمثل هذه اللامبالاة؟ ان الجواب يكمن في النتائج المميتة لهذه الثقافة الجديده في الغرب !
والموت الأخلاقي الذي جرته هذه الثقافة على الغربيين هذا هو الذي صنع موتهم البيولوجي ..
فانهيار( القيمة) الأساسية الأولى في المجتمع (وهي الأسرة ) وانحسار الأعراف الأخلاقية الدينية التي كانت في ما مضى تشكل سدا في وجه( منع الحمل والإجهاض والعلاقات الجنسية خارج إطار المؤسسة الزوجية، إضافة إلى تبرير لا بل تشجيع العلاقات الشاذة المنحرفه بين أبناء الجنس الواحد، كل هذا دمر بشكل تدريجي الخلية المركزية للمجتمع وأساس استمراره (الا وهي الأسرة )..
وتبدو لغة الأرقام هنا أكثر هولا !!
فقد ارتفع الرقم السنوي لعمليات الإجهاض في الولايات المتحدة من ستة آلاف حالة سنويا عام 1966 إلى 600 ألف عام 1976 بعد ان سمح بالإجهاض وعدت عملية قتل الأجنة حقا للمرأة يحميه الدستور، وبعد عشر سنوات وصل الرقم إلى (مليون ونصف حالة إجهاض ) في العام الواحد ..
أما نسبة الأطفال غير الشرعيين فهي تبلغ اليوم 25 في المائة من العدد الإجمالي للأطفال الأمريكيين و يعيش ثلث أطفال أمريكا في منازل من دون أحد الأبوين (اما من دون الاب وهو الغالب وأما من دون الام) ..
ومؤشر آخر خطير !
فقد بلغ عدد حالات الانتحار بين المراهقين الأمريكيين ثلاثة أضعاف ما كان عليه عام 1960، أما عدد مدمني المخدرات (المدمنين وليس المتعاطين ) فبلغ اكثر من ستة ملايين شخص في الولايات المتحدة وحدها.
وقد تناقص كثيرا أعداد الشبان والشابات الراغبين في الزواج،
طبعا في مجتمع يسمح (بالحرية الجنسية الكاملة)، ويتيح المساكنة بين الرجل والمرأة من دون أي رابط شرعي أو قانوني في بيت واحد ..
وخوف الرجل من قانون الأحوال الشخصية الظالم أي من أن تأخذ الزوجة نصف ثروته في حالة الطلاق، و اضطرار المرأة للقبول بالمساكنة من دون زواج بسبب حاجتها إلى رجل يقف معها ويحمي، فضلا عن الحاجة البيولوجية..
أما قضية الشذوذ الجنسي وقانون الزواج بين أبناء (الجنس الواحد) فحدث ولا حرج، فقد بلغت حدا لم يكن ممكنا مجرد تخيله في السابق!
وكانت هيلاري كلنتون أول سيدة أولى في البيت الأبيض تمشي في تظاهرة لمثليين لإبداء تعاطفها مع قضيتهم و مطالبهم المشروعة.
واخير يخلص المؤلف إلى القول إن هذه هي إحصاءات مجتمع منحط وحضارة تحتضر وتموت!
وأن بلدا مثل هذا لا يمكن أن يكون حرا فلا وجود للحرية دون فضيلة ولا وجود للفضيلة بغياب الإيمان .
ما ورد في هذا الكتاب يبقى وجهات نظر، وهو على أهميته لا يخلو من شوائب، منها..
#تجاهل المؤلف أن الغرب يجنس غير الغربيين..
،#تجاهله مقولة وجود دول عدد سكان قليل..
#تجاهله أن قيم الغرب تتغلغل في دول العالم الثالث..
#تجاهله القتل والإبادة التي يديرها الغرب بحق شعوب العالم الثالث..
لذا، فإن الغرب لن يموت، وهو يسبب الموت للشعوب الفقيرة وينهب ثرواتها!