كهرباء الشعر

بقلم الأستاذ حسين الخطيب

• كهرباء الشعر/
الشِّعريةُ، الاسلوبية ، السّحر ،اسماء وعناوين تعددت لهذه الكهرباء او المسّ الذي يصيبنا حينما نقرأُ شعرًا جميلاً مؤثرًا فيثير فينا الحماسة او ينتزع الدموع من محاجرنا اويجعلنا نُبَدِّلَ مواقفنا. ترى ما هذه الشعريه ومن اين تأتي؟
الشعرية هي تلك الومضات المبثوثة في مساحة النص تجذب اليها الحس المرهف والذوق الرفيع مثلما يجذب الرحيق النحل والضياء الفراشات
الشعريةُ هي تلك البؤر النافرة في جسد النص عندما تلامس روح القارئ تهزُّ فيه اوتار الدهشةِ والقلق اللذيذ وتثير فيه مكامن الاحلام وتدخله في سلسلة من التداعيات محمولا على جناح الخيال واللاوعي ليصيرَ انسانًا آخر في عالم آخر لبرهة من الزمن
الشعرية هي الشيفرا التي تعبث بالمواقف والسلوك البشري من النقيض الى النقيض
اوليست الشعرية هي التي جعلت احد خلفاء بني العباس يخرج عن وقار الخلافة فيشقَّ ثوبه طربًا ووجدًا ويقول اني اطير بعدما سمع ابياتًا من الشعر غنّتها احدى قِيانه
اوليست الشعرية هي التي اطفأت غضب الخليفة المعتصم بعدما سمع ابياتا من الشعر من تميم بن جميل المهدور دمه فرق له وعفا عنه بعدما انشده الابيات التاليه
ارى الموت بين النطع والسيف كامنا
يلاحظني من حيث ما اتلفتُ
واكبر ظني انك اليوم قاتلي
واي امرئٍ مما قضى الله يفلتُ
وما جزعي من ان اموت وانني
لاعلم ان الموت شيءٌ مؤقتُ
ولكن خلفي صبية قد تركتهم
واكبادهم من حسرة تتفتتُ
كأني اراهم حين أُنعى اليهمُ
وقد خمشوا تلك الوجوه وصوَّتوا
فرقَّ له قلب المعتصم وقال له كاد ان يسبق السيف العذل غفرت صبوتك ووهبتُ لك صبيتك.
لا شك اخي الكريم اذا لسعتك كهرباء الشعر فاثارت فيك الاحاسيس ومكامن الدهشة او انتزعت من عينك دمعه او جعلتك تتخذ موقفا معينًا حينها اعلم انك ذو احساس مرهف وذائقة ادبية راقيةٍ وانَّ بين ضلوعك قلبًا شفيفا وليس صخرةً صمّاء.