السبت , فبراير 22 2025

العدل

ملاك بيضون

العدل قيمة عظمة، ومبدأ ضروري لإستقامة الحياة، ووتد من أوتاد إقامة دولة الحق، وضرورة للسعادة، ومحور أساسي في بناء المجتمعات، ودافع قوي لنهضتها وبنائها وتقدمها.
حين نتحدث عن العدل، نتحدث عن قيمة انسانية مقدسة. فالعدل انعاث ايجابي يتجاوز المصلحة الشخصية الجماعية محتويا مصلحة الغير أيا كان وحيثما كان. فهو ينطلق من الداخل الى الخارج، فالفرد يحقق العدل خارج ذاته لأنه يحمله داخل ذاته عبر قوانين الايمان والتقوى، لا عبر قوانين الضبط والمصلحة فحسب.. فالعدل هو اعطاء الحقوق والقيام بالواجبات، لكن باطنه يقوم على احياء الضمير ذاته ومحاسبته ومراقبته ومنع الطمع والاعتداء وبناء القناعة والرضا.
والعدل من ناحية اخرى يتجاوز المساواة، فهو أعم وأشمل، فليست المساواة هي العدل. لأن المساواة بها بعض الجور في بعض الاحيان وذلك بحسب التكوين تارة، وبحسب العلاقات تارة اخرى… وخير دليل على ذلك ان الاسلام مثلا لم يساوي في الميراث بين الذكر والأنثى، بل عدل بينها بحسب حاجتهما… ولم يطلب من المرأة القوامة على الزوجية… وغيرها أكثر…
فالعدل مفهوم تطبيقي، ترسى قواعده بين الناس، وليس من الضروري ان يطبق عن طريق اعمال القانون فقط. فإلى جانب اعمال القانون، هناك المراقبة الذاتية التي تكاد لا تحتاج الى قوانين. ففكرة العدل تعمل عمل القاضي الشريف وعمل الشرطي الأمين، فلا تسمح بتسرب الظلم ولا بتعدي الضوابط لئلا تجتمع المظالم.
والعدل المأمور به هو الذي يكفل لكل فرد ولكل جماعة ولكل قوم قاعدة ثابتة للتعامل. لا تميل مع الهوى، ولا تتأثر بالود والبغض، ولا تتبدل مجاراة للنسب والغنى والفقر والقوة والضعف… انما تمضي في طريقها، تكيل بمكيال واحد للجميع، وتزن بميزان واحد للجميع…
فالعدل اذا، هو بلوغ الحقوق الى أهلها، من غير تفرقة بين المستحقين، وان تطبيق العدل سبب في نشر الأمن بين الناس وإيجاد الثقة في القيادة المسلمة، وبعث لدوافع العمل والانجاز والانتاج والانماء..