بقلم نبيل مملوك
أنا لستُ نبيًًّّا…فلا تكونوا قرشيّين
نبيل مملوك
“لا شي يحمينا من الموت سوى المرأة. والكتابة”
قالها نزار قباني في أحدى مجموعاته الشعرية الأشهر والأكثر ثورة “قصائد مغضوب عليها ” قالها معتقدا أنها لن تتخطى الاطار المجازي لاكثر من بضعة أميال …لكن العولمة والتطور كانا الخنجران المسمّان اللذان طعنا اطمئنان نزار …وأكدا مخاوفه التي ظهرت في اواخر دواوينه …
لا شيء يحمينا الان …فالمرأة تُسحق واحيانا تسحق نفسها بنفسها ولن أغوص اكثر في مستنقعات معاناتها فما أكثر الغطاسين وما أقلّ الناجين…
لا شيء يحمينا ما دامت الكتابة. هي الزورق المشتت الضائع الهش المتروك بين أنياب العولمة …
سأتكلم بلغة ٱدميّة باعتباري واحدا من النواطير الذين يحرسون كرما متواضعا من اللغة ….
فعلى من الحق ؟ ومن الثائر ؟اليس من حقنا معرفة الظالم ومحاسبته؟
كلها أسئلة طرحت فقط لاعماء البياض الورقي…
كلها اسئلة تؤدي الى تضخيم الحروب وتحديدا الافتراضية …فكل منا ينتظر الاخر عند منعطف الطريق ليذبحه …والحق أن المجاهرة بأفتعال الحروب النفسية هي أعظم الطرق المؤدية نحو مصالحة النفس
فكم من شخص يكتب “أنتي “بثقة قذارتها بقوتها
وكم من صيّاد أو داهية ينتظر ولادة هذه ال أنتي
ليفضح خصمه بنرجسية باردة…
وكم من شاعر ولد بفضل هذه الانتي
شنيعة هي الوقاحة…. شنيعة هي الحجج المبررة …
السرعة (خصوصا من الجاهلين في أمور لغوية بسيطة )
الاقتباس ….وهل كل مُقْتَبَس مقدس؟!
فاجأتنا اِحدى التيارات الثقافية اللبنانية باعلانها حالة الطوارئ
والحق انه قرار عظيم وعقاب شديد بحق كل من كان عبدًا لمواقع التقاتل الاجتماعي
فباع لغته …وراح يكتسب لغة رقمية هشّة …ساخرا
ومحقرا من ينطق بلغة أصيلة …
حالة الطوارئ للأسف أخمدت نيرانها تمامًا كما أخمدت نيران الفراهيدي التي اغتصبت الكلمة اسمًا
فعلا وحرفا ب ستة عشر بحرًا…أي ما شهدناه قديمًا من جلد وتعنيف لللغة بطريقة سكولاستيكيّة (مدرسانيّة )تقليدية ممنهجة …أتى الان من يبيد اللغة من على بكرة ابيها
بطريقة حداثية عقيمة لا تمت بأصل الحداثة بصلة ….
اللغة تباد ونحن نضحك …اللغة تعنّف من المتطفلين ,المتفلسفين ,المراهقين ,الغربيين
ولن نضع الكل في إناء الشمولية بقدر ما سنتجرأ بوضع كل شاعر او مثقف أو صاحب زاوية ثقافية
لم يعلن حالة طوارىء …أو لم يبادر الى نصح وارشاد المخطىء وتصويبه نحو بر الأمان
كلّنا نخطىء ولا أحد يرمينا الا بجبال …ليحطمنا أمام الكل الحرب النفسيّة جميلة …في مجتمع يخشى من صوت لعبة نارية بسيطة… الحرب جميلة …بصراحتها فالنحشد جيوشا منفصلة تعيد اللغة إلى عرشها
قد تجد في قصائد عدد كبير من المبدعين هفوات …لكن هنا يصبح النص طفلا عفويته أبلغ بكثير من عفوية طفل غبي يدعي الثورة بتكسير أو استعباد….
أنا لست نبيًّا وقد تجد في مقالتي هذي وفي قصائدي اخطاء أو بالاحرى هفوات تركها المدققون كما يترك الجرح علامة لخنجر مرّ على خصر بطل مغدور…
أنا لست نبيًّا…فلا تكونوا قرشيين …
21/10/2017
11:43 صباحًا