فلنرحم أطفال الشوارع…!
2017-08-25
مقالات
505 زيارة
بقلم الإعلامية بشرى الدعاس
في بعض الأحيان، خيارك لا يكون بيدك، فالظروف والأوضاع الراهنة قد تجبرك على فعل شيء لم تكن تتصور نفسك بأنك ستفعله حقا في يوم من الأيام؛ فالحياة أصبحت قاسية ولا ترحم أحدا، والنفوس البشرية أيضا…
…وهذا إن بقي من يستحق كلمة بشري، والكلمة الأخيرة، أصبحت أقسى من الحجر، ولا يلينها سوى المال، فهذا ما أصبح سائدا في شوارعنا العربية، فدائما ما تستوقفني رؤية أطفال الشارع وهم يركضون خلفنا من أجل الحصول حتى ولو لنظرة وليس لمال… ولكن ما يحدث أن النظرة أصبحت صعبة في زمن الكذب والنفاق الذي نعيشه، وأصبح من الطبيعي أن ترى أما وأطفالها متحومين حول بعضهم في فصل الشتاء، لتدفئة قلوبهم، والناس يمرون أمامهم وهم لم يتركوا قطعة ثياب من خزانتهم ولم يضعوها على أجسادهم، ويستوقفني رؤية الأطفال الذين يبيعون علب المحارم وهم يدورون بين السيارات بحثا عن مشتر لبضاعتهم، فيصدمني ذاك الغني بسيارته وهو يغلق شباك سيارته خوفا على نفسه من التحرش ليشتري شيئا، ويستوقفني هؤلاء الأطفال الذين يسيرون من دون كلل أو ملل على الكورنيش البحري، محملين بأطواق الورد، ويلتفتون يمينا وشمالا بحثا عن عشاق لعلهم يحنون عليهم ويهدي أحدهم الآخر شيئا من ورودة، استوقفني ويستوقفني الكثير من المواقف بحثا عن إجابة لكل ما يحدث، ولكن الغريب أني لا أجد… والذي لا أجده هو لا مسوغ لوجود أطفال في عمر الورد حقهم الوحيد أن يعيشوا ويهنأوا بحياة كريمة ونظيفة، حقهم أن يشعروا بالدفء والأمان ويشعروا بالحنان والطمأنينة، حقهم أن يتنفسوا ويأخذوا قسطا من الراحة، واستراحة من اللعب والضحك بدلا من التعب واحتقار الناس، حقهم أن يكبروا ويتعلموا ويصبحوا ما يريدونه في المستقبل، وليسوا كما أرادت لهم الظروف، فحقهم أن يكونوا أطفالا، أطفالا ولا غير ذلك، ولكن في زمن الكوليرا الذي نعيشه يصبح صاحب الحق بلا حق وصاحب اللاحق هو أب الحق وصاحب الفضيلة، فالقلوب قد تعبت والانفاس قد انشقت من مرارة العيش وقسوة اللحظات، فنحن كمجتمعات عربية بإهمالنا وعدم اهتمامنا بأطفال الشارع نخسر كل يوم ربما عالما او طبيبا او مهندسا او… فنحن نخسر الإنسان الذي بداخلنا ونخسر ضميرنا، نعيش وكأننا موتى بلا إحساس أو شعور ، الشعور بالآخر والاهتمام به والتضحية بالقليل مما لدينا من أجله ، فالحب في زمننا هذا أصعب من أن تعيش على سطح المريخ أو تتسلق أصعب القمم، الحب أصبح من المنسيات، الحب أصبح من الغرائب وعجائب الدنيا، الحب أصبح للمصلحة وحب الذات، ففقدان الحب أصبح يأخذ كل يوم من حياتنا أجمل اللحظات وأحلى الأوقات، فحياتنا أصبح يومها يشبه ماضيها ومستقبلها ينتظر ذات المصير، فمتى سنصحو من سبات قلوبنا ونعلن السلم معها لنعيد لدقاتها الحياة؟!