السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / جامعيون ومواهب / كن مع الله، يكن معك

كن مع الله، يكن معك

بقلم نور مصطفى

قِيل: 《ما أجملَ أنْ تَجِدَ قلباً لا يطالِبُكَ بِشَيءٍ سوى أنْ تكونَ بِخيرٍ》. فَكَيفَ إذا كانَ هُوَ قلبُ الله!

قبل أن تُشوِّه شفتَيك بأن تعتقل إبتسامَتَهُما، قبل أن تلوِّث بريق عينيك بنظرةٍ عبوس، وقبل أن تقتل وجهك الجميلَ بيأسٍ زاحفٍ نحو قلبك المُثْكل، فكِّر معي يا صديقي.
إنَّ الله أتقن صنْعَك لتكون {في أحسن تقويم }، لا لِتَعبث في القوامِ الحَسَن، فجعل لك وجهاً لطيفاً وشفتينِ صغيرتين، ٱبتسم لِتكشف ما حَجَبَهُ عَماك عنك،《كُن جَميلاً ترى الوُجودَ جميلاً》 .
ما ذَنْبُه إن كنت لا ترى سوى دعائك البائسِ له يومَ شدَّتِك؟ فكمْ مرةً ضحِكْت فرحاً ناسياً أنَّ الله هو الوهَّاب الرَّزَّاق؟!
هل اللهُ بغافلٍ عن أحلامِك وأدعيتِك إنْ كان قد تأخر 《فلعلَّ الَّذي أبطأ عنِّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور》؟
هل اللهُ نسيَ وُجودَك أو غابت عنه أمورُك إنْ كنتَ لا تشعرُ بوجودِه 《فإنِّي قريبٌ أُجيبُ دَعْوةَ الدَّاعي إذا دعاني》؟!
تعالَ نحسُبها معاً. ماذا فعل الله لك حتى تبخِّس عليه حقَّه؟ أَوَلَيس الَّذي خلق الجمال أحقُّ بأن يُبذَل فيه الجمال؟ ثم هل يَستحقُّ الله ألَّا تشكُرَه صباحاً على بدايةٍ جديدة، وأن تشكُرَه كلَّ ليلةٍ على أملٍ جديد؟  ثم ماذا فعل لك الله كي لا ترى سوى جزءاً فارغاً من كأسِ حياتِك ، وأجزاءَ أخرى فارغةً من كؤوسِ أحلامِك الصَّغيرة؟
أُطرُدْ كُلَّ أملٍ كسولٍ ولا تَكفُر. أَوَهَل يستحقُّ الله منك كلَّ ذلك الجحود! 《لا تيأس فإنَّ اليأسَ كُفر》 .

ولِأنَّك لنْ تُحْصي أُعْطِياتِه حاول أن تكون مُمْتَنَّاٍ له على كلِّ عَطِيَّةٍ مَرَرْت بها صباحاً أو مساءً. حاولْ أن لا تُفقِد نفسَك لذَّةً من أيِّ جميلٍ وضعَه الله بينَ يديك.
أُنْظُر مِن حولِك، كمْ قلبٍ أنيق، كمْ صوتٍ حنون، كمْ لحظةٍ جميلة… وَكَم وَكَم…. وَأنت غافِلٌ عن كلِّ ذلك!

لماذا يستهوينا الحزنُ دائماً، وتَلمِس عباراتُ اليأسِ قُلوبَنا بحروفِها المتكسِّرة؟ لماذا تجذبُ نفوسَنا النِّهاياتُ الكَئيبةُ، ونألَفُ كلَّ كلامِ البؤساءِ؟ أَوَلَيْسَ قرآنُنا مشحوناً بِالأملِ؟! أَوَلَيْسَ كلامُ اللهِ أعظمَ طَمَأنينةٍ؟ عندما يقولُ {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا} فَمِن أين يأتي الحزنُ!!
إِسمعْ يا صديقي، هلْ نحنُ بحاجةٍ لأدلةٍ حتَّى نعلمَ أنَّ اللهَ يُحيطُ بكلِّ شيءٍ؟ ألا يَكفيك أن ترى وتسمع؟ وتلمس وتشعر؟ ….وتُفَكِّر!
تَفَكَّر في هذا الوجود لا بدَّ أنَّك سَتَجِدُ أصداءَ مننِ اللهِ تُطِلُّ عليكَ مِن كلِّ حدبٍ وصوب، وَترى ظِلالَ الرَّحمةِ في كلِّ أحداثِ حياتِك.
فلا تسْمَحَنَّ لِقلْبِك أنْ يرى حافَّة اليأسِ ولا حتى عتبةَ الحزن. ولا تَسمَحَنَّ لِعَينِك أن تُبْصِرَ ظَلاماً ولا حتَّى أن تَهْفُوَ عن النُّور.
لا تحزنْ فإنَّ اللهَ مَعَنا.
ألا يكفيكَ أن تنامَ وترميَ كلَّ ما يُقْلِقُكَ جانِباً وتَغْفُوَ في رعايةِ الله؟ ألا يكفيكَ أنَّك تتركُ هُمومَك وتصلِّي لِلباري؟ ألا يكفيكَ أن تقولَ كلّ كلامِ الدُّنيا في سجدة، في تلك اللَّحظة، وأنتَ في أحضانِ الرَّحمة الإلـٰهِيَّة، تَذَكَّر أنَّه يسمعُكَ ويفهمَُك وٱقتَرَبَ منْكَ ألفَ خطوةٍ لأنَّك تقدَّمْتَ إليه بِواحدة، عندَها فكِّر بأنَّه لا يريدُ منْكَ الكثير: أنْ تشعرَ بوجودِه بكلِّ جوارحِك في كلِّ لِحاظِ حياتِك فقط. بعد ذلك فكِّر هلْ يَسْتَحِقُّ مِنكَ ذو الجلالِ والإكرامِ أن تقسوَ عليه فَتُنْكِرَ كلَّ نِعَمِهِ بِإحساسٍ بليدٍ عاجز؟!
فَلا تُلَوِّث روحاً طيبةً خلقَها ربٌ كريمٌ بِمشاعرَ مزيفةٍ، فَمشاعرُنا الحقيقيةُ تنبعُ من تقديرِنا لِإلـٰهِنا.
تذكَّر يا صديقي أنَّه عليكَ ألَّا تكونَ حاقداً على الله فٱبتسم، وكنْ سعيداً من أجلِه!