حاوره د. أنور الموسى
إعداد وتنسيق الأدبية سهام صبره
المجدد د. عبد الله بنحسو متربعا على عرش التجديد المسرحي المغربي:
«أيها الناعي تمهل» مسرحية الخاصة تثير قراءات جمة وتاويلات هادفة
د. عبد الله بنحسو، مخرج وأديب مسرحي مغربي… يتربع على عرش التجديد، ليس في المسرح وحسب، بل في قوالب لغة المسرح، فضلا عن الإخراج والأفلام المنافسة عالميا…
يتسم سلوكه بالتواضع، فنبرته هادئة كشخصيته، فهو محب الضاد، يتألم لحال أهلها…ويجد الرمزية وسيلة مهمة لتجنب الفكر الرجعي…
يقول: أمنيتي تبدد فكر الوهم لدى الشعوب العربية، وأن يسود فكر الحقيقة، وأن تستفيق الشعوب من التنويم الذي اكتسى طابع العقدة التاريخية المستعصية…!
…واللافت في أعماله مسرحية: أيها الناعي تمهل، ونظرا إلى أهميتها الحضارية والثقافية واللغوية… كان لنا هذا الحوار معه… للاضاء على أسئلة جمة، منها: ما بواعث كتابتها؟ وما رمزيتها؟ ولم اللجوء إلى لغة تخاطب الخاصة لا العامة؟ وما رمزية شخصياتها؟ ولم التناص..؟ وبمن تأثر د. بنحسو؟ ولم نجحت مسرحيته؟
1-من هو د. عبد الله بنحسو الإنسان والأكاديمي والمخرج والمسرحي؟
*عبد الله بنحسو، أب لأربعة أطفال، مدرس مجاز في الأدب الفرنسي، من مواليد مدينة القصيبة بجبال الأطلس المتوسط وسط المغرب، مهتم بالأدب و السينما والمسرح ..
2-يلاحظ اهتمامك اللافت بالعنوان.. ولا سيما مسرحيتك «أيها الناعي تمهل».. ما بواعث ذلك؟
*العنوان بالنسبة إلي هو مكمن التعاقد مع القارئ في الكتاب، ومع المشاهد في السينما..
3-لم لاقت مسرحيتك المذكورة عناية النقاد؟ وماذا يقدم النقد لأعمالك؟
*الحقيقة أن الإعلام، خصوصا صفحات التواصل الاجتماعي وراء هذا الاهتمام، ولا أخفي بصمة الأديبة سهام صبرة الكسواني من خلال تقديمها النافذ للقلوب.. وشخصيا أرى النقد يرفع أسهم كل عمل إبداعي ويقوده إلى الاهتمام من طرف عشاق الإبداع والفكر…
*ما سر النجاح اللافت لمسرحيتك؟ وماذا يعني لك هذا النجاح؟
*سر النجاح أولا الإعلام… ثم اختيار كاتبة التقديم مشكورة حفظها الله، ثم أصالة الفكرة، والتجديد في الكتابة المسرحية.. إذ إن هناك في تقديري المتواضع ثورة على المسرح المألوف، إلى حدود صدور “أيها الناعي تمهل”…
4-الأستاذ عبدالله بنحسو، مسرحيتك «أيها الناعي تمهل»، هل هي صرختك ضد محاولات طمس الهوية الذي أصاب الأمة..؟
*في الطبقة السطحية للمسرحية، هي كذلك بلا شك، لكن في الطبقات الموالية، كلما تعمقنا، يتغير الهدف بتغير الطبقة، فلكل طبقة قراءة وهدف..
5_ وجدتك بلسان المعلمة هدى تبسط أهمية اللغة العربية لذهن الأطفال، فهل أنت هكذا في حياتك العملية والحياتية؟ وما دلالة الشجار…؟
*الأستاذة هدى في الطبقة الأولى أو الطبقة السطحية ندبت الطفلين لمداراة الوفاء، حيث مرور جنازة اللغة العربية إلى المدفن ولكن في الطبقات الأخرى للقراءة، يتغير الهدف الذي تم له الندب .. أما بالنسبة إلى الشجار، فله دلالة كبيرة ورمزية عميقة جدا، أقربها للسطح هو التيه في الشجار والنحو، بعيدا عن التحدي الحقيقي..
6_ لم تتوجه في لغتك الراقية إلى الخاصة لا العامة؟ ولم لم تلجأ إلى اللغة البسيطة؟
*لا أخفي أن هدفي استفزاز النخب، وإثارة عصف فكري لدى المهتمين بالتقادح الفكري، خصوصا الطلبة، كونهم شعلة يمكن ان تضيء مسار الفكر ..
7- تتصف المسرحية بكثرة الألفاظ الغريبة مثل: ريشتان، وعرجون، والركاكوس والاستيلابوس… ما غاياتك من ذلك؟ وهل هو تهكم ضمني على المتلقي العربي؟
*ريشتان مثنى ريشة وعرجون لفظ عربي ورد في القرآن الكريم، أما الركاكوس والاستيلابوس، فهما يكتسيان طابعا رمزيا من جهة، وإثارة التشويق لدى القارئ، قصد معرفة الشخصيتين وقصد عدم النفور من إكمال مسارب الحقيقة حتى النهاية..
8_ وجدتك في الكتابة إنسانا آمن بوحدة الله وتعظيم اللغة وتمجيدها، وبعودتها الى عرش سلطانها، فهل كان الهدف هو توحيد الوطن العربي على امتداده الجغرافي، ودعوته الى اللحمة الوطنية مجددا؟
*في القراءة الأولى، نعم، ولكن في القراءات الأكثر عمقا، هناك أهداف أخرى أترك للقارئ الغوص من أجل استخراجها..
9_ أكثرت من الاستخدامات البلاغية كالمجاز والسجع والبيان… والرموز… ما بواعث ذلك؟
*لا أخفي أنني كرهت أن أكتب بطريقة تحرم المسرحية من قيمتها الجمالية.. لكن أحيانا الصورة تفرض نفسها لتحيا بها الفكرة…
10_ العربية تقول في مسرحيتك: ما جرمي…ما عيبي… ما عوري…الأنني بي نطق خير الرسل…؟
هل تجد أن العربية مستهدفة بسبب رسالة الإسلام؟ وما دور أهلها…؟
*ليس بالضرورة… أحب أكثر أن يقال إن العربية مستهدفة لإلغاء كيان شعوب توحدها لغتهم من أجل بسط السيطرة على الثروات الطبيعية الهائلة لدى هذه الشعوب..
11-في فضاء التخلف، تقول: تدخل العربية قاعة المحكمة.. تقف وتنفجر غضبا حين توقن أنهم لن يحضروا…»
ما دلالات ذلك على الصعيد النفسي؟
*ثورة بدأت من الداخل تحب ألا تظل كذلك وترسلها لأكثر من مرسل إليه..
12-ما غايتك من عملك هذا؟
*كشف الحقيقة…
13-ما دور مسرحيتك في الحقل التربوي؟ وهل المتلقي العربي لا يزال مهتما بالمسرح خصوصا ذات اللغة الراقية؟
*المسرحية نظمت حفلات توقيع لها بالمؤسسات التعليمية وتجندت لذلك الأندية التربوية لأنها تعنيها بالأساس…. المتلقي العربي في عمومه غائب عن القراءة وما يتبقى لهذه الأخيرة سوى نزر قليل، آملين أن يعود العقل العربي إلى موائد الكتاب والفكر و النقد…
14-لم تتغلب على عملك النزعة الإنسانية؟ والرمزية… والمرارة؟
*الرمزية وسيلة أساسية ومهمة لتجنب نيران الصفوف الأولى من الفكر الرجعي بمختلف أنواعه..
15- هناك تفريغ نفسي وإسقاط في عملك المسرحي… ما موقفك من هذا الحكم؟
*لا أملك أن أنفي الحكم .. لكن تبقى المسرحية يربطها حبل سري بي..
16-ما دلالات فضاء المغسلة… ودلالات تقدم الحروف نحو السلة.. وتقبيل يد الأبجدية؟
*المغسلة هي الوهم، واستجابة الحروف للأبجدية هو الأمل والانخراط من أجل الحقيقة…
16-بمن تأثرت في مسرحك؟
*قرأت للمسرحيين الفرنسيين أكثر و أجبت براسين، و موليير وجون أنوي و موسي Musset
17-ما جديدك؟
*”يا طيور المساء هل رأيت أبي؟” مسرحية حول بيت المقدس.
18-ما أمنياتك؟
*أن تنتصر الحقيقة المغيبة ويزول الوهم التاريخي “المقدس”..