عذراً لا نريد كهرباء…
2017-05-24
واحة الشعر والخواطر
1,940 زيارة
بقلم الدكتور المهندس قاسم محمد دنش
وقفت بين يديك حيرانا ما أفعل، أألجأ لسواك أم أموت بين بين يديك ذليلا ؟!
عذراً يا وطني..لم أشأ أن أصارحكَ بما فعلوه بك وكيف أصابوك وقصفوك وجرحوك…
فقد أتيتك ومن معي مكشوفي الجيوب، عراة الأجساد، أذلة، وترضى يا وطني ان نكون كذلك؟!
القلق يأكلنا ، هل سنموت يوماً عند باب مافيا المستشفيات؟ أم أنّ أحداً لن تُعجبه قيادتنا لسياراتنا فيُنهي وجودنا؟ عجباً، حتى قيادتنا للسيارات ظنوا بأنها خطر لوجود كلمة قيادة.
عذراً يا وطني… فقد فرقوا أبناءك، مرةً بالرصاص، وأخرى بالإصطفاف، والآن بقانون الإنتخاب…
أشكو لك همومي التي أغفو عند قلقها، وأمشي بين يأسها، أقارع سنين العمر ان لا تأخذني بعيداً إلى ما بعد الستين، فتعاسة اللامأوى واللاأمان تعاسة شيوخنا عندك…
أوهمونا بأنّ خطرنا ياتي فقط من داعش التي تقتل وتذبح وتهتك الأعراض، وأنسونا بأنهم “داعس”، يدعسون على قلوبنا وكرامتنا وعيشنا…
أوهمونا ببطولات وفروسيات وغزوات، عنوانها كهرباء 24/24 ومن قال اننا بحاجة إلى كهرباء؟ فلربما أخطأوا في الإصطلاح ما بين الحياة والكهرباء…
الكهرباء لنا باتت من الكماليات بعدما فرغت مؤونتنا، أصلاً لا نريدها خوفاً من فساد فاتورة تحصيلها. ولمياه الشفة حكايات وحكايات، يعجب الشعراء من مبالغة صانعيها، فلنا فيها عند أبواب كل صيف دواوين في النعي والرثاء…
وكيف أروي لك رواية “تجار الصحة” وما يجري عند أبواب المستشفيات من ذلٍ واحتكار؟ كيف أروي لك بأنّ الطبيب عندنا مُنزه عن الخطأ والزلل وهو بحكم المقدس المعصوم؟ كيف أحدثك عن شركات الأدوية وما يصنعونه من شراكات مع الأطباء والمستشفيات؟ أخجل يا وطني بأن أقول لك بأنني احاول ان أكون طبيب نفسي خوفاً من تجارتهم وفسادهم.
عذراً يا وطني…
ففي السماء لا يوجد محارق ولا مزابل، فهل ستظل بأعين العالم بأنك قطعة سما؟
اليوم، جئتك، ناعياً الحياة فيك، ناعياً الأمل في أي اصلاح أو تغيير. فمن يبكون اليوم فقرهم، ستراهم غدا في الساحات ينتظرون صناديق الإقتراع التي تمزق جيوبهم أكثر وأكثر.
عذراً يا وطني…
اليوم أبكيك مودعاً ساعياً لأطمئن على عيالي صحياً وبيئياً وفكرياً…أبكيك يا وطني ويداي ترتجفان ألماً وحرقة، وبها جواز سفري قبل أن يستدرك المسؤولون بأن كل واحد منا يملك كليتين فيجتزون واحدة لهم حفاظاً على الأمن القومي.