الناجون من مجزرة قانا يتذكرون يوم القيامة
2017-04-18
الأدب المنتفض, مقابلات وتحقيقات
994 زيارة
تحقيق بقلم د. أنور الموسى
18 نيسان 1996 18 نيسان 2017: 21عاما على مشهد <الدم الصارخ>
بعضهم فقد 18 شهيداً ومعظمهم ما زال يتعذب
الناجون من مجزرتي قانا والمنصوري يتذكرون <يوم القيامة>*
لم تكن زهرة برجي قد تجاوزت الثماني سنوات من عمرها عندما نجت من مجزرة قانا بأعجوبة. زهرة نجت جسديا، <لكنني حتى الآن ذابلة نفسياً، ولا تبرح ذاكرتي مشاهد الآلام>. تروي زهرة حكايتها: <كنا نلعب ونلهو ونأكل برغم الخوف. سمعنا صوت طيران. أدخلونا الى أحد <الهنغارات>. وبلمحة بصر، انهالت القذائف. وساد الذعر ورائحة الموت في كل مكان. شاهدت أمي مضرجة بالدماء بعدما أصيبت في رأسها وخاصرتها. عدا أشلاء أقاربي المحروقة والممزقة. أفزعني المنظر. أنا الآن، حين أسمع صوت الطائرة أو الرعد أو الضجيج، أرتجف خوفا>.
<زهرة> لم تصب بجروح. بيد أن في أعماقها جرحاً لا يلتئم: <لأن إسرئيل سلبت مني طفولتي وحضن أمي وحنان أبي>. وتردف: <بدي إسأل العالم: ما ذنبنا؟>.
هي نموذج من عشرات الضحايا والناجين الذين التقتهم <السفير> في قانا وصدّقين والمنصوري، في ذكرى مجزرتي قانا (18 نيسان 1996)، وإسعاف المنصوري (13 منه) اللتين ذهب ضحيتهما، تحت أنياب عناقيد الغضب، وفي ظل راية الأمم المتحدة، ما يزيد عن مئة شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ عدا الجرحى والمعوقين والمنكوبين.
مشاهد الرعب
الناجون تعجز ألسنتهم عن الكلام، <لأن المشاهد تؤرقنا وتطاردنا> كما تقول شادية أبو خليل (18عاما). تتابع: <لحظات كأنها قرون. أذكر كل شيء. استشهاد أقربائي أمامي، وإصابة أهلي وأولاد خالاتي والحرائق والأشلاء>. متسائلة: <كيف أنسى، وأنا أتلقى العلاج منذ 10 سنوات بعدما خرقت أصداء القذائف طبلتي أذني. خضعت لعملية جراحية في الأولى، وأحتاج الى أخرى في الثانية لا أملك تكاليفها>. تضيف شادية التي يعيلها خالها: <أشتاق لكل أهلي الشهداء>، مستدركة: <جدتي استشهدت منذ سنة بعد رحلة العذاب الطويلة. مسكينة، ظلت تتعذب من إصابتها البليغة. وما حدا قال لها <وينك> بس خالي وزوجته كانا يساعدانها في التنقل>. وشعورك الآن؟ تجيب: <كل لحظة أتذكر. وليت أهلي أحياء لكانوا عالجوني، لأن معونة <الأوادم> غير كافية>.
وعند الناجية الخمسينية سميحة علي سكيكي الذكرى توحي <بمشاهد كأفلام رعب>. تقول: لا أستطيع النوم، وعايشة على الأدوية ومسكنات الأعصاب>.
زوجها عبد برجي يحتفظ بصور شهداء بيته وأقاربه <في قلبي وعلى الجدران>. لم تبقِ له المجزرة سوى الذهول. <هذه صورتي مع أمي وأبي الشهيدين.. وأخرى لشقيقي و..>. <أشعر بفراغ قاتل. والدتي تعذبت 9 سنوات بعدما فقدت يدها ورجلها. واستشهدت قبل استشهاد الحريري بيومين>.
الحاج عبد الذي نجا، استشهد شقيقاه وزوجتاهما و18 فردا من أقربائه. <وأتكفل بستة من أبناء شقيقيّ الشهيدين>. يتذكر: <أشلاء أخي، وكذا بعض أقاربي المحروقين.. وزوجة أخي وإبنة أخي.. وغيرهم التهمتهم النيران>.
محمد برجي (15 عاما) نجا من تحت الأشلاء طفلاً. يقول: <أتذكر أمي الشهيدة وهي راسخة في ذاكرتي. وأضعف أمام هول المشاهد، وأردد بأعلى صوتي: <الله يهدك يا اسرائيل>.
محمد كرشت (27 عاما) يذكر مشهد احتماء مئات المواطنين تحت مظلة الأمم المتحدة، والقصف العمد بالقذائف المحرمة دوليا. وكثيرا ما يتأمل صور الشهداء في متحف الشهداء بقانا. <يؤلمني مشهد صديقيمحمد <ابن صفّي>. ونسيان مكان وجود أهلي، وتنقلي بين الجرحى>، محمد يطالب بمتابعة القضية في المحافل الدولية <رأفة بذاكرتنا>. في حين تعني الذكرى لدى علي اسماعيل (6سنوات حينها) <الفقد والحرمان>. <فقدني أهلي 15يوما. كنت في المستشفى. وشاهدت برك دم. وأمي أصيبت برأسها ورجليها إصابات بليغة>.
وفي منزل إبراهيم اسماعيل بقانا، فصول روايات المجزرة لا تنتهي لدى اجتماع العائلة. إبراهيم اسماعيل (إصابات طفيفة) يتذكر مشهد الفجيعة كلها، و<أول جريح حملته أخي، وطبيب الطوارئ قُطع كتفه>. ويضيف: <كان 45 فردا من أقاربي في المركز. سقط منهم 18 شهيدا، عدا عن نحو 25 جريحاً. فبأي شعور أعبر؟ ويزيد الطين بلة أن <لا أحد يهتم بالمعوقين. فيما القادمون إلى الأضرحة سواح>. ثم يؤشر إلى أخيه حسين المعوق الذي يشرح: <أحتاج إلى عمليات جراحية ملحة؛ بترت يدي. وشظية لا تزال في ظهري>. زوجة إبراهيم تقول: <شظية خرقت أذني. وأخرى لا تزال في رئتي. و<وين الاهتمام؟>. فيما تردد والدته الحاجة مريم السبعينية <شو بدي إحكي، كنت في الخيمة التي احترقت مع الأولاد. وفقدت بصري. كل أولادي راحوا أو تصاوبوا. وأحيانا بغيب عن الوعي!>. تذكر لائحة طويلة لأسماء أقرباء شهداء. وتصف الذكرى <بيوم القيامة>: <ويا ليتني أنام على الشارع، وما راح ظفر ابني>.
في صديقين
أهالي بلدة صديقين الذين التجأوا إلى قانا مأساتهم مشتركة. علي عبد الله بلحص المصاب في ظهره وعينه ورأسه، وأستشهد ثلاثة من أطفاله، أصغرهم في الشهر الثالث. <شاهدتهم أمام عيني>؛ يؤكد <أنني مصدوم. وتفشت الأمراض بجسمي. وكذا حال والده الستيني الجريح سعد الله الذي يقول: <شهداء البلدة كلهم من اقربائي. من بيتي 9 أولاد وزوجتي. أنظر للصور. بينهم أطفال. وما فيني أحصيهم كلن>. لافتا الى أن الجريمة من صنع الشيطان. كان بيتي قبلها خلايا نحل. وكل يوم أنزل الى الاضرحة؛ لأن هناك قلبي>. حفيده محمود كان عمره 6 سنوات.
وإلى منزل علي رحمة الله المفجوع ب12شهيدا من أهله. <بينهم زوجتي و..فقط نجوت وابني حسين الذي طارت ركبته. وأنا في هذا الشهر اتذكر كل شيء متألما>.
وعلى طريق بلدة رشكانانيه يقطن شوقي بلحص. <كنا 11 نفسا. راح لي 5 أولاد وزوجتي، عدا الجرحى. يا لطيف كانه يوم قيامة>. ابنه حسن (12سنة حينها)، يشعر بغربة وعزلة. <أصبت بشظية في رأسي. وحين استيقظت بعد 27 يوما، سألت أختي الناجية: لم لا يزورونني؟ شاهدتها تحمل صورة أهلي وعرفت. وعزائي حين أراها>.
حيدر بيطار؛ والد الشهيدين هادي (8سنوات) وعبد المحسن (9سنوات)، <وأمه قطعت يدها في المجزرة> يقول في اتصال هاتفي من أميركا: <الذكرى تقض مضجعي. طفلاي أرسلتهما في زيارة الى لبنان. وكنت مطمئنا بأنهما في مركز دولي. وأشعر بأن عضوا من جسدي بتر>.
ضحايا المنصوري
عمر زينب جحا حاليا 6 سنوات ودخلت المدرسة.. وكان عمر شقيقتها زينب سنة ,1996 تسع سنوات عندما قتلها صاروخ مروحية إسرائيلية إثر استهداف سيارة إسعاف <فولفو> كانت تغادر قرية المنصوري ويقودها والدها عباس. تقول زينب التي استشهدت والدتها منى الشويخ (27 سنة) وشقيقاتها زينب وحنين (4سنوات) ومريم (شهران ونصف): <أشوف أختي على التلفاز وهي تشبهني>. والذكرى أيضا راسخة في مخيلة شقيقها مهدي (16عاما): <كان عمري ست سنوات. وكنت في داخل الاسعاف. وما حسيت وين صرت. وأشاهد أبي عبر التلفاز حاملني ومصاب بيدي. أشعر بحزن وألم، أنعزل أحيانا وأبكي. وكنت أتمنى أمي تكون معي وترعاني>. وكذا يتمنى شقيقه عامر (ثماني سنوات حينها): <لم أكن داخل الإسعاف. كنت وراهم في سيارة عمي. نزلت وشفت المشهد المريع. ولا يزال حاضرا في حياتي. وأشعر بألم شديد>.
عباس الذي رزق بأطفال منحهم أسماء أطفاله الشهداء. يؤكد أنهم يشبهون إخوتهم. و<الجرح موجود دوما ولا أقدر أنساه. ولا أزال اتذكر المشهد وندائي يا الله>. هو يحلم دوما بأبنائه ولعبهم و<اشتقت لكلمة بابا منهم. وبحس بشي ناقص بجسمي>. مشددا على <أن لا أحد يحمي الشهداء إلا المقاومة التي <مرات تساعدنا>، منددا بعدم اكتراث قوات الطوارئ بالمشهد>. بعد ثلث ساعة تحركوا وقاموا المرأة الشهيدة أم فايز وبنت ابنها>. وبعد مطالبته بتكرار مشاهد الجريمة عبر التلفاز مرارا. يردف جحا: <الابن الثاني ليس بديلا عن الأول. ولابنتي الكبيرة منزلة كبيرة عندي. وكنت حابب شوفها تكبر أمامي وعلمها وزوجها وشوف أولادها>.
الطفلة الضحية اسراء اللقيس
قد لا يمر يوم منذ عشر سنوات، إلا والغصة تسكن قلب والدة الطفلة إسراء اللقيس. لكن قليلة هي الايام التي شعرت فيها تلك المرأة الجنوبية التي تسكن وعائلتها حي السلم، ان ابنتها التي أطاح الإسرائيليون بنصف دماغها بشظايا صواريخ عناقيد غضبهم، تستشعر وجعها وألمها وخصوصا العيش كبقية الاطفال، الى أن حل عيد الام هذا العام.
ومن مدرسة ذوي الاحتياجات الاضافية، عادت إسراء بعد ظهر 21 آذار ومعها هدية لأمها هي عبارة عن لوحة ركبتها بيدها اليسرى، وفيها طفلة بجدائل سوداء وخصوصا بيدين متحركتين وبجسد مسنود الى قدمين قويتين.
قالت لأمها ما معناه <هيدي اسراء بس تصح> وهي تقدم هديتها، قبل أن ترمي بنفسها بين ذراعيها. كلما نظرت دلال، والدة إسراء، الى دعاء، ابنتها الكبرى، تدرك حجم ما حصل للصغرى. لم يكن يفصل بين الشقيقتين سوى عام ونصف العام. اليوم عندما أضحت دعاء صبية ترتدي فساتينها وحجابها بإتقان الانثى الحريصة على مظهرها، لا يمكن إلا تصور إسراء وهي تسابقها في التأنق للخروج يداً بيد في مشوار أو زيارة أو حتى الى المدرسة نفسها.
تعد دعاء نفسها للشهادة المتوسطة، فيما أخرج الاسرائيليون إسراء من دورة الحياة اليومية ومدارسها وشوارعها الى الكرسي النقال الذي لم تتمكن حتى اليوم من الاستغناء عنه.
تزورها اليوم في حي السلم، تستقبلك بابتسامتها المعتادة. تقدير المدرسة يشير الى تفوقها في المواد التي تدرسها، وهي اليوم مشغولة بحروف اللغة الفرنسية التي تتعلمها للمرة الاولى. <بونجور> تحاول فرحة ان تقولها بحماستها المعتادة للذهاب الى المدرسة.
لم تزل إسراء تلح على والديها لتسجيلها <داخلي> مع رفاقها في المدرسة، لكنهم يرفضون طلبها دوماً. <ما منقدر نعيش من دونها> تقول والدتها.
لم تختر من العمر هذا النمط من الحياة. قبل عشر سنوات من الآن، كانت إسراء اللقيس نائمة في قلب دارها حين خصها الاسرائيليون وفي غمرة انتشائهم بعناقيد الغضب، بصاروخ أفقدها صحة الحياة وطبيعتها. طفلة هي اليوم؟ لا، لم تعد كذلك. أضحت إسراء صبية بثلاثة عشر عاما كانت تتمنى أن تبقى ربيعا مزهرا، ربيعا ترسمه على وريقات دفاترها وتحرص على تزيينه بفتيات من عمرها. فتيات لم تطلهن شظايا صواريخ أتقنت سرقة الفرح والحياة.
ناجون يتالمون
لم تكن زهرة برجي قد تجاوزت الثماني سنوات من عمرها عندما نجت من مجزرة قانا بأعجوبة. زهرة نجت جسديا، “لكنني حتى الآن ذابلة نفسياً، ولا تبرح ذاكرتي مشاهد الآلام”. تروي زهرة حكايتها: “كنا نلعب ونلهو ونأكل برغم الخوف . سمعنا صوت طيران. أدخلونا الى أحد “الهنغارات”. وبلمحة بصر، انهالت القذائف. وساد الذعر ورائحة الموت في كل مكان. شاهدت أمي مضرجة بالدماء بعدما أصيبت في رأسها وخاصرتها عدا أشلاء أقاربي المحروقة والممزقة. أفزعني المنظر. أنا الآن، حين أسمع صوت الطائرة أو الرعد أو الضجيج، أرتجف خوفا”.
زهرة لم تصب بجروح. بيد أن في أعماقها جرحاً لا يلتئم: “لأن إسرئيل سلبت مني طفولتي وحضن أمي وحنان أبي”. وتردف: “بدي إسأل العالم: ما ذنبنا؟”.
ومشاهد الرعب حية ايضا
الناجون تعجز ألسنتهم عن الكلام، “لأن المشاهد تؤرقنا وتطاردنا” كما تقول عليا أبو خليل (18عاما). تتابع: “لحظات كأنها قرون. أذكر كل شيء. استشهاد أقربائي أمامي، وإصابة أهلي وأولاد خالاتي والحرائق والأشلاء”. متسائلة: “كيف أنسى، وأنا أتلقى العلاج منذ 10 سنوات بعدما خرقت أصداء القذائف طبلتي أذني. خضعت لعملية جراحية في الأولى، وأحتاج الى أخرى في الثانية لا أملك تكاليفها”. تضيف عليا التي يعيلها خالها: “أشتاق لكل أهلي الشهداء”، مستدركة: “جدتي استشهدت منذ سنة بعد رحلة العذاب الطويلة. مسكينة، ظلت تتعذب من إصابتها البليغة. وما حدا قال لها “وينك” بس خالي وزوجته كانا يساعدانها في التنقل”. وشعورك الآن؟ تجيب: “كل لحظة أتذكر. وليت أهلي أحياء لكانوا عالجوني، لأن معونة “الأوادم” غير كافية”.
وعند الناجية الخمسينية سميحة سكيكي الذكرى توحي “بمشاهد كأفلام رعب”. تقول:” لا أستطيع النوم، وعايشة على الأدوية ومسكنات الأعصاب”.
زوجها عبد برجي يحتفظ بصور شهداء بيته وأقاربه “في قلبي وعلى الجدران”. لم تبقِ له المجزرة سوى الذهول. “هذه صورتي مع أمي وأبي الشهيدين.. وأخرى لشقيقي و..”. “أشعر بفراغ قاتل. والدتي تعذبت 9 سنوات بعدما فقدت يدها ورجلها وتوفيت العام 2005”.
الحاج عبد الذي نجا، استشهد شقيقاه وزوجتاهما و18 فردا من أقربائه. “وأتكفل بستة من أبناء شقيقيّ الشهيدين”. يتذكر: “أشلاء أخي، وكذا بعض أقاربي المحروقين.. وزوجة أخي وإبنة أخي.. وغيرهم التهمتهم النيران”.
محمد برجي (15 عاما) نجا من تحت الأشلاء طفلاً. يقول: “أتذكر أمي الشهيدة وهي راسخة في ذاكرتي. وأضعف أمام هول المشاهد، وأردد بأعلى صوتي: “الله يهدك يا اسرائيل”.

فصول المجزرة لا تنتهي
وفي منزل إبراهيم اسماعيل بقانا، فصول روايات المجزرة لا تنتهي لدى اجتماع العائلة. إبراهيم اسماعيل (إصابات طفيفة) يتذكر مشهد الفجيعة كلها،” وأول جريح حملته أخي، وطبيب الطوارئ قُطع كتفه”. ويضيف: “كان 45 فردا من أقاربي في المركز. سقط منهم 18 شهيدا، عدا عن نحو 25 جريحاً. فبأي شعور أعبر؟ ويزيد الطين بلة أن “لا أحد يهتم بالمعوقين. فيما القادمون إلى الأضرحة سواح”. فيما تردد والدته الحاجة مريم السبعينية “شو بدي إحكي، كنت في الخيمة التي احترقت مع الأولاد. وفقدت بصري. كل أولادي راحوا أو تصاوبوا. وأحيانا بغيب عن الوعي!”. تذكر لائحة طويلة لأسماء أقرباء شهداء. وتصف الذكرى “بيوم القيامة”: “ويا ليتني أنام على الشارع، وما راح ظفر ابني”.في صديقين المأساة واحدة
أهالي بلدة صديقين الذين التجأوا إلى قانا مأساتهم مشتركة. علي بلحص المصاب في ظهره وعينه ورأسه، وأستشهد ثلاثة من أطفاله، أصغرهم في الشهر الثالث. ” شاهدتهم أمام عيني”؛ يؤكد “أنني مصدوم. وتفشت الأمراض بجسمي. وكذا حال والده الستيني الجريح سعد الله الذي يقول: “شهداء البلدة كلهم من اقربائي. من بيتي 9 أولاد وزوجتي. أنظر للصور. بينهم أطفال. وما فيني أحصيهم كلن”. لافتا الى أن الجريمة من صنع الشيطان. كان بيتي قبلها خلايا نحل. وكل يوم أنزل الى الاضرحة؛ لأن هناك قلبي”.
وإلى منزل علي رحمة الله المفجوع ب12شهيدا من أهله. “بينهم زوجتي و..فقط نجوت وابني حسين الذي طارت ركبته. وأنا في هذا الشهر اتذكر كل شيء متألما”.
وعلى طريق بلدة رشكانانيه يقطن شوقي بلحص. “كنا 11 نفسا. راح لي 5 أولاد وزوجتي، عدا الجرحى. يا لطيف كأنه يوم قيامة”.
*التحقيق نشرته جريدة السفير في العام2006، في الذكرى العاشرة للمجزرة، وهنا اعدنا نشره لأن الذكريات هي هي… والألم خالد، ولأن الجريمة بصمة عار في جبين الأمم المتحدة والعالم…