الأحد , فبراير 23 2025
الرئيسية / واحة الشعر والخواطر / قصيدة المعنى وقصائد أخرى

قصيدة المعنى وقصائد أخرى

شعر داود مهنا

قصيدة المعنى
وغابَ يُلاحقُ المعنى
على شرفاتِ أحرفِهِ
يُخاتِلهُ ليقطفَهُ
ويزرعهُ ويُطْلقهُ…
ففتّشَ في أقاصي الغيمِ
بعثَرَ أحرفَ النّسماتِ
ذوّبَ قلبَهُ في الصَّخرِ
أطلقَ أغنياتِ الماءِ
لم يعثرْ على المعنى…
وَلَكِنْ، عندما عادَ
استراحَ لهاثُهُ المُضْنى
رأى شمسَين:
شمسًا ترتدي الأشياءَ فوق الأَرْضِ،
تكتبها
وشمسًا خلفَها تمحو كِتابتَها
ويبقى بعدَ هذا المَحْو خطٌّ
عاشَ كي يفنى
فأدركَ أنَّ للمعنى
دويًّا خارجَ المعنى

المعبد
أسرعَ نحوَ المعبدِ كي يتضرَّعَ
كي ينزعَ من بستان الرّوحِ ترابَ الدّنيا
لم يجدِ المعبدَ
وجدَ الرّهبانَ بأثوابٍ فارغةٍ
وشموعٍ لا تلقي الضوءَ
ولا تنسابُ دموعًا فوق جفون المبتهلينْ!
يا ربّي،
يا ربَّ الموثوقينَ بماءِ الرّغبةِ
خذْ بيدي واحملني نحو المعبدِ…
شفّ الضوءُ وأيقظَ قمحَ الرؤيا
أبصرَ تلويحًا
ورأى سردابًا
بابًا يهبط نحو القلبِ
فصلَّى

شعر ونثر
غيمٌ تتناثرُ أحرفُه
مرتديًا إيقاعَ الماء المتساقط
فوق سطور الأرضْ
فالغيمةُ نثرٌ
يعبثُ بالرؤيا المسكونة في بال الأشياءِ
يُخاتل أنفاسًا لم تولدْ
يرسم ذاكرةً…
تنتبهُ العشبةُ،
تعلن ثورتها،
تعلو لتحدّق في اللاشيء
وفي شَيْءٍ
هو في الأشياء الوجهُ المُلقى تحت قناع الساحرِ
أو هوَ وجه نبيٍّ ما أنبأهُ الوحيْ…
فالعشبةُ شِعْر

ضدّان
عندما ترمي إلى البئر بِوَردهْ
يرقص الماءُ
كأنْ في القاع إيقاعٌ
سقاه اللحنُ وَجْدَهْ…
قم تأملْ
بكت الوردةُ
هل ماؤك هزّ اللحنَ في إيقاعك الغافي؟
وهل لون الكرى أنكر غمدهْ؟
فيكَ ضدّانِ
وأنت الضدُّ محمولاً على وهمٍ…
لكي يقتل ضدَّهْ

مرآة
كي تبصرَ
تلك الأشياءَ المهملةَ
المنسيةَ في ركنٍ ما،
كي تبصر ذاتك،
لا تُبصرْ.
أغمض عينيكَ
تلفّت نحو الماء
الملقى في زاوية الروحِ
وقلّم شجر الرغبة في بستان الرؤيا.
حدق بالغيم العابر
فوق تلظي عينيك المغمضتين.
فإن شاهدتَ صقيعًا لم يولدْ
أو نبعًا سوف
يعرّي النهر أمام البحرِ
ورفَّ يَمامٍ فوق بحيرتك الظمأى
افتح عينيك على المرآة!