السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / مقالات / “الضّاد” تستغيث.. كيف ننقذها؟!

“الضّاد” تستغيث.. كيف ننقذها؟!

بقلم د. أنور الموسى

“الضّاد” تستغيث.. كيف ننقذها؟
تعدّ اللّغة العربيّة بمنزلة الأمّ في الوطن العربيّ … وهي اللّغة الرّسميّة الّتي تستخدمها غالبية المؤسّسات التّربويّة والإعلاميّة… ويشكل التّدقيق اللّغويّ داعمًا رئيسًا “للضّاد” … لصونها من الكساد والتّخلّف، ولا سيّما في الميدانين الإعلاميّ والتّربويّ.
وغنيّ عن البيان، أنّ للمدقّق اللّغويّ أهميّة كبيرة في الصّحف اليوميّة والوسائل الإعلاميّة بشكل عامّ؛ لأنّ خطأ ما، ولو كان بسيطًا، قد يؤدّي إلى كوارث ورزايا لا تحمد عقباها…
وتتنوّع ميادين الأغلاط في الصّحف؛ فمنها ما يتعلّق بالنّحو، ومنها ما يتعلّق بالطّباعة أو الإخراج وغير ذلك.
فصحيح أنّ اللّغة المبسّطة لا المعقّدة هي المفضّلة والمطلوبة في الصّحافة … بَيْدَ أنّ ذلك لا يعني الاستسلام لداء الرّكاكة واللّحن والتّصحيف…
“وإلى أن تعالج صحافتنا العربيّة هذا الدّاء المستفحل، تظلّ الأخطاء المطبعيّة ـ دون اللّغويّة والإملائيّة ـ مصدرًا للبسمة عند القرّاء، وسببًا للمتاعب عند العاملين في الصّحافة… ”
هي مصدر للبسمة؛ نظرًا إلى ما تحمله من طرافة حينًا، وما ترمز إليه من صدق الكلمة الّتي نشرت خطأ أكثر من الكلمة الأصليّة حينًا آخر. وهي سبب للمتاعب لمن (يقعون فيها)، ولمن تمسّه في بعض الحالات؛ كأخبار الوفاة غير الصّحيحة، أو الأخطاء التي تسبّب أزمة سياسيّة داخليّة أو خارجيّة.
ففضلا عن ضرورة وجود مدقّق لغويّ لكلّ صفحة أو قسم من أقسام الصّحيفة، يفضّل أن تكلّف الصّحيفة مدقّقًا مؤهّلاً صحفيًّا ولغويًّا معًا، بمراجعة المادّة الصّحفيّة بعد إخراجها وقبل تصويرها.
وفضلاً عن الصّحف، يلاحظ المرء غزارة الأخطاء اللّغويّة في بعض المدارس … ما ينعكس سلبًا على سمعة المدرسة، وثقة الأهالي بمدرّسيها…
وتظهر المشكلة حين يراسل المدير أو الطّاقم الإداريّ … الطّلاب وذويهم برسائل مفعمة بمثل تلك الأخطاء … أو حين يوجّه إليهم دعوات إلى حضور احتفال ما، أو إحياء مناسبة معيّنة… فبعض مديري المدارس قد يمنعهم حب ” الأنا ” من عرض نتاجهم على الآخرين؛ فيقعون بالمحظور اللّغويّ … وتكون النّتيجة مؤلمة لسمعة مدرستهم.
وما يزيد الطّين بلة، أنّ المسابقات نفسها قد يمزّقها أحيانًا داء الأخطاء … فيضيع التّلميذ في متاهات الإجابة الخاطئة… فضلاً عن أنّ بعض المدرّسين قد يلحن في أثناء الشّرح، أو يكتب إجابات خاطئة عن أسئلة الفروض أو غيرها.
وأخيرًا، يمكن القول: إنّ التّدقيق اللّغوي ضروريّ في ميدانيّ الإعلام والتّعليم… ومن دونه، نصل إلى تدمير لغويّ ممنهج… فمتى تعطيه مجتمعاتنا قيمته المرجوّة؟
المصدر: د. أنور عبد الحميد الموسى
(فن تدقيق النصوص وإخراجها وتحقيقها)، دار النهضة، بيروت، 2011م، ط1