بقلم طالبة الماستر فاطمة قبيسي
ما هوى المرء وطنا إلا و علا الأفق
به شمخ كطير السلام واعتنق
مجدا ينافس حبا و عشقا
يا خيلا تماوج بلون السيل المخمل
أتراني فارسا والغيداء تراود الأحمق؟
ما لي غيرك وطن و كل الاوطان عندك تقف
كوطن عنترة و عبلة في حبهما الطويل
انطوى النهار و غارت نجوم الليل من الغسق
دارت في الارض و صرت أشبه الفلق
و لم تستوي روحي الا عند جسدك المغلق
كأنك جدار بناه علي و تركه في غار و سرق
منه مفتاح خيبر و اقفلت كل الطرق
كموسى حين دعا ربه أن يشق
له الارض بحرا و الله لدعائه استجاب
فتحت شراعيك و ابحرت نحو الاعمق
و زرت كنائس و جوامع و رمقت الشفق
صباحك مطل على مشهد الروابي المستفيق
ألا تعلم يا وطني انني بك غريق
لم أتعلم فن السباحة ولن أصل الى ذلك الخندق
يكفيني منك أنك وطني و أنني بك حرف تعلق
عليه أمل الغد راسم العنب المعلق
بدوالي جراحي النازفة كوجهك المتشقق
****************************************
وطني يا خمرة من عذابات الثكالى
يا صوتا انتصر على ضجيج المحتل
يا جار الصخرة الباكية
التي ادمعت غصن الزيتون الراقي
و اراقت شلال الدماء بين اضحية الرواقي
ما لي أبكيها و أنا لم أسكنها؟
و لم أعرف عن ضواحيها و قراها
ما لي أبكيها و انا في شرقيتي
اقتصر على تطويل فستاني
و لبس حجاب مخملي وردي
و لم أقترب يوما و ارجم الشيطان بناري
أنا خبرت عذابي منهم في تموز
و تقاسمت أوجاعي مع القدس و لونت سمائي
بالأسود كحلت عسلا كان طيب المذاق
و عزفت المآسي بصوت يشبه عزائي
لكنني حين مررت من مارون وواجهت شرفة المرج الأخضر
علمت أن لفلسطين سحرا أحمر يثير أشواقي
الم تدر ان الشوق يصيب القلب و ان لم تقابله عن قرب؟
فيها الصنوبر و زهر ليمون أصابه
صحوة الميت من منظر التابوت،
فيها كل السواقي مزينة
فيها السماء ضاحكة كطفل اعتاد على المناغاة
…أخذوها منذ زمن بعيد كأنهم أنسونا سحر اللوز فيها
كأنهم طعنوا بالخرائط سكينا فمزقني قبل أن أولد
كنت في عالم الذر أنا و فلسطين
بكيت كثيرا لم أعرف ما يؤلمني
كنت أعلم الغيب و شريط ماساتها يمر كمرور القوافي
بلا معنى و لا صوت لم أفهم الا صورة طفل يحمل حجرا
و جنود يشبهون وحوشا… القذارة منهم تستغيث
اصابوه بركبتيه، ظل يرمقهم بحزن حتى رمى الحجر
و بكى الحجر من دمعه الذي طال شجر النخيل
حتى راحوا و قتلوه فصار الحجر في صمت