السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / قراءة في كتاب / «حرير مريم» تلخص قضية الحرية والمصير

«حرير مريم» تلخص قضية الحرية والمصير

بقلم الأستاذ يوسف رقة

النص الحرفي لمداخلة يوسف رقة في ندوة
عن رواية (حريم مريم) للكاتبة وداد طه

…أرغب في أن أستهل مداخلتي باستعادة كلام للشاعر الراحل محمود درويش الذي قال: ما هو الوطن؟ هو الشوق إلى الموت من أجل أن تعيد الحق والأرض…الوطن ليس أرضا فحسب، إنه الأرض وإنه الحق… أن تكون فلسطينيا يعني أن تصاب بأمل لا شفاء منه».
وداد طه، في رواية ” حرير مريم ” تختبىء وراء الغيوم لتلامس شمس الحقيقة المشرقة ..قلت لها في نقاش دار بيننا : “أنا لا اكترث للفصول الأربعة التي وردت في روايتك ، ما وصلني كمتلق هو فصل واحد هو ذلك الألم والنزوح الذي عانى منه الشعب الفلسطيني منذ العام 1948 وحتى اليوم “..
قالت لي: ” حاولت التلويح إلى ما يفتقده قلب الانسان الفلسطيني في كل لحظة يحياها .. مريم وأحمد وزهرة، ماتوا جميعهم مشردين، لكنهم اجتمعوا في قبر واحد ” .
نعم يا صديقتي، مريم أطلقت صرختها المدوية لتكتب ألحانا ظمأى بقلم مغمس بحكايا الجدة: ” ها نحن نسجد على هضاب الجليل ، ليسمع صوتك في حيفا ويتلاشى على صخرات القدس كسهام في وجه المحتل” .
نعم يا محمود درويش ..الوطن هو الارض والحق معا: ” لا يموت الحق في جوف البراعم ” ..
” السندباد ” في الرواية هو “سندباد الأرض “و ” سندباد البحر ” و” سندباد الشتات ” الذي كلما شردته الايام اقترب من قلبه أكثر وأكثر ..
وداد طه، لم تعتمد المفهوم الروائي التقليدي في رواية ” حرير مريم ” ، فالرواية عادة تنقل الواقع عبر خيال الكاتب في إطار ما يعرف ب الفكرة ، العقدة والحل ، إلا أن كاتبة” حرير مريم ” تجاوزت التلقيدية لتمزج حبكة الواقع مع الخيال وتبتدع أحداثا يتقدم بعضها على البعض الآخر، ويتأخر في احايين كثيرة ..
كما نجد أن ّ شخصيات الرواية تمزج بين صيغة المتكلم أحيانا ، و صيغة الغائب أحيانا اخرى في خلطة هي قريبة من التقطيع السينمائي والسيناريو..
لغة الرواية تحمل لغة الواقع البسيطة ومفرداتها المحكية وإن سمت أحيانا إلى مفردات بلاغية بديعة … أما الأحوال السردية لشخصيات الرواية فهي وإن بدت للوهلة الأولى بأنها شخصيات متباعدة غير أننا نجدها مجتمعة في خط درامي واحد لشخص واحد ليظهر ماساة شعب واحد .
..حرير مريم، رواية تلامس قضايا الانسان، وتحمل المعيار ” الوطني ” في التصنيف، لأنها تلخص حكاية شعب يبحث عن الحرية إذا لم نقل عن المصير … رواية فيها الكثير من عناصر التشويق والإثارة والصراع والتناقضات..
ربما الشخصية الحقيقية غير الظاهرة في الرواية هي جدة الكاتبة، هي آمنة ، التي نقلت حكايا الألم إلى حفيدتها الكاتبة .

النقد الوحيد الذي ربما أوجهه إلى الكاتبة هو طلبي ان يؤدلج مثقف اليوم بعض المفردات المستخدمة لا أن ينقل اللسان كما هو في الواقع، فإذا كان أجدادنا يعتبرون اليهود هم الذين احتلوا فلسطين ألا ينبغي على المثقف العربي ان يصوب الامر ويقول أنهم ” الصهاينة ” والاستعمار ووعد بلفور؟ ..
هذا السؤال أطرحه للمناقشة في ندوة اليوم ..
حاملا إليكم تحيات رئيس الحركة الثقافية في لبنان الأستاذ بلال شرارة ومباركته لرواية الكاتبة وداد طه ومحبته إلى الزملاء المشاركين في إحياء هذا الحفل ..ولكم مني التحيات والتقدير …و ..المحبات.