الأحد , فبراير 23 2025
الرئيسية / جامعيون ومواهب / مكتبة بلا أحرف بشرية

مكتبة بلا أحرف بشرية

بقلم نبيل مملوك
مقال بعنوان “مكتبة بلا أحرف بشرية”
خرجت مسرعا لأزور مكتبة فيها كل الكتب…شعر ونثر وأدب وعلم نفس…خرجت بعدما الهمني أبي لزيارتها في أجواء العطلة الميلادية …كنت متحمسا جدا لاتحسس الشعر بيدي واراقب الحروف وهي تمشي على الأسطر بارتياح…خرجت بمعطفي الأسود وقلبي الذي تكسر فيه النور …كلما اقتربت المكتبة كانت كالمرأة تختبىء بين حجارة صور القديمة …وسرعتي كانت تفوق الشعر الذي في داخلي ….كنت مجرد قارىء صممت ان احجب هويتي على ابناء البلد…دخلت الى رحم المكتبة بعدما ارعبني الصمت الرهيب في ميادينها وفي ديارها…بعبارة مرحبا مررت وبابتسامة امراة كانت ضمن طاقم امانة السر سمحت لنفسي بتأمل المملكة العظيمة هناك …حيث العصر الفرنسي يجلس وحيدا وعلم النفس وحيدا
والادب وحيدا …لكن جميعهم يلتفون حول الحنين ..الى قارىء يلمسهم…
رايت المجموعة الاولى وقد شعرت بتجمد الكتب وعرفت انها لا تندمج مع هويتي المكتبية حاليا …ومع كل خطوة وفي اجواء الضياع (لاقبالي لاول مرة على هكذا مركز جميل ) كنت اسمع صوت الطفل الذي عرفت بعدها انه ابن السيدة التي رحبت بي …
كان هناك رجل عجوز يعمل على مكتبه لكن سرعان ما رايته شدني الادب العربي وغصت في الدواوين الجميل لارى دواوين لعباس بيضون وشوقي بزيع ومحمد علي شمس الدين وزاهي وهبي وادونيس ودرويش وباسم عباس وغيرهم …المجموعة غطت كل العصور الادبية …لم ار نزار بينهم حزنت …لم ار ديوان “الاوراق السرية لعاشق قرمطي ” او كتاب الحب او “تنويعات نزارية على مقام العشق” لكن بقي الامل عندي بأن الذين استعاروا من قبلي قد استحوذوا على الدواوين التي احببتها…
“عندما يعطش الماء”,”تعريف القبلة”,”قمصان يوسف” شدتني …حملتها في يدي وقد شعرت بان الاحرف يتيمة وباردة ..وان الشعر وتصفيق الجماهير قد غابا ولم يصفعان البرد والجفاف القاطن بين جلد الدواوين…
كان مشهد الفراغ وشغور المقاعد المكتبية اولى نكسة ثقافية المت بي لكن شغف القراءة كان المسكن الذي حماني من كل وجع …كان الطفل يتعلم العد باللغة الفرنسية وامه
تقول له “برافو” شعرت اني عدت صغيرا ووحيدا …وقلت اين الكبرياء الذي حصن شعري ؟ اين العزيمة ؟ اين وقفتي على المنابر التي ادهشت النساء وادهشت الجمهور عموما …لكن فرحتي الكبرى ان الشعراء اصحاب الدواوين التي اخترتها كانوا ملائكة
ولم يفترسوني ….
ذهبت لكي اقوم باشتراك اولي للحصول على الكتب وقد قابلت الرجل الستيني
وقال لي لا يمكنك اخذ كتب الان واعطاني قسيمة عن النظام الداخلي في المركز قراتها
وخرجت من البيت الهادىء
كأني خسرت حبيبة او عذرا فالحبيبة غابت عن تفكيري …كاني خسرت عزيزا…صرت ابكي كأن الشعر مات الآن …كـأن المطالعة ماتت الان … ابي قال لي ستعود في اول السنة وتحصل على ما تريد …فلا تحكم على وضع المكتبة في اجواء العيد …

صممت على اخراج احساسي متبعا حركات الحب في موسيقى “الى اليز ” لبتهوفين
التي اسمعها الان كي انسى مشهدية الخراب في المكتبة …الكتب جميلة والمسؤولين اجمل
الكتب تعيسة وانا اتعس ….لا فرق بين العيد و”اللاعيد” الشباب
يقلدون Leonel Messi وMichel jackson والفتيات يقلدن Jenifer Lopez و Rihanna….
اني اسف يا نفسي…لقد كنت قبل الدخول المعتصم الذي سيجد حبيبته داخل الحارة الفينيقية بسلام
لكني خرجت منها ناصرا على جبينه نكسة ال 1967
ارجوكم عودوا الى امكم واقراوا اوجاعها …ارجوكم …
1:20مساء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.