السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / غير مصنف / الموعد الأخير!

الموعد الأخير!

بقلم ربيع عرندس

ها قد التقينا ثانية في المكان الذي اتفقنا عليه ، حيث رأيتك أول مرة . ذكريات جميلة مرت أمام ناظري ، تفاصيل كثيرة جالت في مخيلتي ، بل وأكثر من ذلك ، كل الأشياء من حولنا لم تتغير ، كل ما في هذا المكان يشعرني بالأمل والسعادة ، فما كان في ذلك اللقاء من لحظات رائعة يجعلني أشعر بأن هذا المكان هو أجمل مكان أراه في حياتي .

“أصدقيني القول ، تريدين استعادة ما تبقى من ذكريات اللقاء في هذا المكان ؟!” ، قابلت سؤالي بابتسامة خفيفة ، ثم راحت بناظريها يمنة ويسرة ، حدقت – لبعض الوقت – بالكرسي الذي كان محور قصتنا ، تارة تبتسم ابتسامة عابرة ، وطوراً يغلب على وجهها حزن شديد ، بعد ذلك نظرت إلي للحظات قليلة وبدا عليها الارتباك .

“ما حسبت صمتك إلا خبراً أجهله ، فهلا أعلمتني بما يجول في خاطرك؟ ، لعلك تهدئين من روعي ، وتشفين غليل القلق الذي انتابني طوال تلك اللحظات الطويلة ، ولربما تعطيني الجواب الأخير عن ما اجتمعنا من أجله.”

سيدتي ! أرجوك ، إن كان لديك ما تخبريني به ، وليس لديك الجرأة على البوح بما يختلج من مشاعرك ، فارمي بها في نهر جار ، لعلي ألحق بها ، فألتقطها ، فألتمس محتواها ، لعلي ألهث بسببها ، فأخفق في الإمساك بها .

مرت لحظات صمت أخرى ، فرأيتها تخرج ورقة مطوية داخل قارورة مغلقة بإحكام ، ثم اقتربت من النهر الجاري الذي كان قريباَ من المكان الذي وقفنا فيه ، فأصابتني الدهشة حينما رأيتها ترمي بتلك القارورة إلى ذلك النهر ، ثم اقتربت مني وهمست قائلة : إن أردت الجواب فالحق بتلك الورقة التي رميتها ، فما كان مني إلا أن تبعت مجرى النهر وركضت مسافة طويلة ، حتى ما عدت أستطيع الاستمرار أكثر ، جلست في مكاني ، استرخيت على الأرض قليلاً ، لألتقط أنفاسي ، وأنا أفكر بما حدث ، وبعد أن ارتحت ، عدت إلى مكان اللقاء سيراً لا جرياً.

تلفتُ من حولي ، فلم أجدها في أي مكان ، حاولت البحث عنها لكن دون جدوى ، عدت وألقيت نظرة إلى النهر ، ثم إلى مكان اللقاء ، ثم تذكرت تلك الورقة التي ذهبت مع مجرى ذلك النهر، وبقيت متسمراً في مكاني ، أفكر فيما كانت تريد إخباري به عن طريق تلك الورقة ، فلم أجد إجابة عن أسئلتي ، ولا منجاة من حيرتي ، لقد رحلت وذهبت كلماتها معها ، وأصبحت أعيش في دوامة لا مخرج منها ولا سبيل.

ربيع عرندس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.