السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / غير مصنف / لعبة الزمن!

لعبة الزمن!

لعبة الزمن
بقلم الجامعي ربيع عرندس

يقال إن لكل زمان ومكان علماء وأدباء وأناسا رائدين يتركون آثارا ذات قيمة لا يستهان بها في عهدهم ، ويقال أيضاً ان بعضاً منهم كانوا بمثابة استكمال لما ابتدأ به أو عمل من أجله أو سعى لتحقيقه جلّ من السابقين .

ما إن نسمع بأن شخصية كبيرة أو ذات مقام رفيع قد توفيت حتى يتراءى إلى أذهاننا سؤال محير – في بعض الأحيان – إن كان هناك من يحل مكانه أو يكمل مسيرته ، ولكن لسنة الحياة رأي آخر ، فإن بعضاً من هؤلاء العظماء لم يُخلَق ولم يؤت بمثلهم على مر العصور ، وبعضهم وُجد لهم شبيه – شكلاً كان أم مضموناً – ولكن بعد مرور جيلين أو ثلاثة أجيال ، وربما عصرين أو ثلاثة عصور إذا صحّ التعبير .

وما من أحد في الحضارة الإغريقية (اليونانية القديمة) وحتى تاريخ اليونان حاضراً من يشابه سقراط كمعلم لأمته وملتزم بكل كلمة رسخها في عقول تلامذته حتى ولو سُجن أو أُمر بقطع رقبته ، وما من أحد يماثل ليوناردو دافنشي من جهة أسلوبه في الرسم وما يحب أن يدخل فيه من معان خاصة في لوحاته الفريدة التي لا يعلم مغزاها إلا هو بذاته ، كما لا أحد يوازي بشار بن برد الذي جمع في شعره – على طريقته الخاصة – بين جزالة الألفاظ ومتانتها وبين المفردات السهلة والأسلوب البسيط المألوف لدى مسامع العامة .

ولكن مع مرور الزمن ، برز كثير من الأدباء والفنانين في عهد النهضة كجبران خليل جبران والعهد الحديث كالسيدة فيروز والرحابنة ، وكان لكل من هؤلاء فنه وأدبه الخاص ، إلا أن فكرة تخيل لقائهم تبدو – نوعاً ما – فكرة مستحيلة ، فما بين وفاة جبران وولادة السيدة فيروز فارق مدته أربع سنوات تقريباً .

لكن هناك سؤالاً يطرح نفسه : ماذا لو لعب الزمن لعبته وحدث أن تصادف وجود السيدة فيروز والرحابنة في عهد جبران خليل جبران أو العكس ، هل كنا لنشهد ونتعرف إلى عصر ذهبي آخر ، كالعصر الأموي والعباسي؟ هل كنا لندرك فناً وأدباً متكاملاً ذا مذاق خاص ؟ من يدري ، ربما لو سمع جبران صوت فيروز في يوم من الأيام ، لكتب لها ٌقصائد كثيرة متميزة بالذوق الرومنسي الرفيع المستوى لتنشد كلماته الراقية ما يعطي لها حق معناها وجمالها .

ربما لو تسنى لبعض العظماء فرصة اللقاء ولو مرة في العمر ، لتغيرت أمور كثيرة ، ولكن نحن أمام دنيا فضلت التتابع والتبديل لإكمال الطريق والمسيرة عوضاً عن تكامل الأفكار والعلوم والآراء مرة واحدة وفي زمان واحد دون ترك مجال للشك أو الالتباس ، فلنكن واقعيين ، واجب علينا جميعاً التفكير وحسن التدبير لنقيم عالماً أفضل ، ونكمل مسيرة السابقين بأمانة تامة .

ربيع عرندس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.