✍ *نور الهُدى قعفراني*
*قُدس*..
ما بين سماء سامية وأرض .. نحلّق على بساط الخيال، وفي بحار النّور نغوص، نخترق الحُجب بسفن النّجاة واشرعة..
نمعن النّظر إلى تلك العروس الجالسة على عرش القداسة، ترتدي ثوب زفافها الذي حاكته يمين الملائكة ، وتاجها من نور عرش ربّها ..وجدائلها الذهبية المحجوبة بحجاب القداسة الذي يتجلى ويسمو مع كُل نسمة عزّ…نمعن النظر حيث تقف العذارى حائرات يطفن أمام حُسن العروس كأنهن يرتدين رونقها..فيزيد حُسنهن وتزيد حسرة العذارى، فتتوضأ بماء الحياة وتدخل سيدة الجمال إلى محرابها وتنفرد ساجدة، داخلة إلى لُجّة بحر احديّة اللّه، وتتقوّى بقوّة سطوة سلطان فردانيّة ربّها، وتصبح قاب قوسين أو أدنى من طمطام يمّ وحدانيّته، فتسجد اناء الليل حتى بزوغ فجر النّهار فتتجدد روحها لتخرج إلى سعة رحمة الرّحمن، وعليها لمعات برق القرب من آثار حمايته..
ولكن!! شيطانٌ يحاول الاقتراب منها كلّ مرّة فتبعده القدرة الإلهية ، لكنّه لا ييأس ..يحوم حول اسوارها التي بنيت من ضلوع محبيها وأنيابه كاشرة ومخالبه مستعدة للانقضاض …هي! سيدّة الجمال..والشيطان ينتظر المساندة لإبادة جمالها ولكنّها تصرخ “هيهات هيهات..”
ولكن عروستنا لا تدري أن المساندة قادمة للشيطان تُقدّمها العروبة على طبقٍ من ذُلّها، فتسانده وتصبح العروبة خادمة الشيطان..وهو اغتنم الفرصة فانقض على ثوبها يُدميها، فتغدو جريحة تنتظر طبيبها…جريحةُ اللامبالاة العربية، نعم عروسة العرب فريسة للعروبة، هي قُدسنا الحبيبة، أولى القبلتين وذابلة العينين ذات الأهذاب الجارحة والمُقل الآسرة..شُنت عليها الغارات ويُتمت، وشُرّدت..وذاقت المآسي …والعروبة هه! نائمة على فراش من العار، و عروستنا تنهض من بين الغبار ،والقضيّة تباع في سوق الخضار.. بكأس خمر انكليزي و لربما في أميركا مقابل عقار..وبقايا ثوب القدس بعين الجبّار …
إلى أن أقبل عريسها من أقصى المدينة يسعى، يقف على أطلالها ويذرف رصاصة ودمعة، وصرخ صرخة شريف ” إن شرف القدس يأبى أن يتحرّر الا على أيدي المؤمنين الشرفاء..”, ولكنّ عريسها اختطف على يد العروبة فثُكلت قدسه مرّة أخرى وكانت صرختها تنجبل بعيون عريسها الخضراء” شتان بين الشّرف والعروبة، إن العروبة والخزي سيّان” .