بيت من فولاذ أم أوهن من بيت العنكبوت؟
بقلم المحامي الاستاذ بسام الشريف
بعد أن وقف نتنياهو في المحفل العالمي، أمام دول العالم، متوعداً بتغير خارطة الشرق الأوسط، لصالح كيانه، مصنفاً الدول، بين أبناء النور والظلام،النور لمن حالفوه، والظلمة لمن وقفوا سداً منيعاً بوجه مخططه. إذ باشر بسعيه لتكريس معادلته المُعلنة، مستغلا، الفرصة الذهبية العالمية العربية الخالصة لصالحه، خصوصاً بعد إغتيال السيد حسن نصرالله، وذلك بتاريخ 27 أيلول عام 2024، بإعتباره كان محور المحور وفق تصريحه، وعامود الخيمة، ورأس الحربة، والعقل المدبر والموجه، للمحور بأسره بعد قاسم سليماني.
وذلك تكرس من خلال، فرط سُبحة حلقات المحور، حلقة بعد الأخرى، من اليمن، العراق، لبنان، غزة، الضفة، سعياً لتطويق ايران، والتفرد بكل ساحة لإضعافها وسحقها، وذلك ثبت بتدمير قطاع غزة عن بكرة أبيه، سعياً للتهجير الكُلي. بعدها إنصرفت الأنظار حيال لبنان للإجهاز على المقاومة، لكنه لم يتمكن إلا من إضعافها بنسبة معينة. فكان التريث الإسرائيلي سيد الموقف، فإنهيت الحرب مؤقتاً، وذلك للتمكن من الإلتفاف على لبنان من خاصرته السورية لقطع الإمداد، وتعددت الأسباب حيال الساحة السورية، لكن التوسعُ واحدُ، بغية الإطباق على لبنان، تزامن ذلك مع تفريغ جنوب الليطاني من المنشآت برمتها فوق الأرض وباطنها طيلة هذه الأشهر. وإن ما نشهده من أحداث وخروقات وتوغل وإغتيالات، كلها تصب وتخدم عدة أهداف إسرائيلية، أهمها:
1- تعمد إسرائيل بالتسيد على المنطقة بأسرها، لبنان، سوريا، فلسطين، العراق، اليمن، فتقول للمنطقة تحديداً وللعالم ” أنا من سيتربع على عروشكم”، من خلال إستباحة الأجواء الجوية، متى يحلو لها، وتحديداً بعد إزالة وتدمير وتفكيك كل نقاط القوة لدى أعدائها، من الأسلحة والمنشآت النظامية الكلاسيكية العائدة للجيوش، وللمنظمات الشعبية المقاومة، بنسبة 70%.
2- الرسالة الأخرى التي تريد توجيهها، للداخل اللبناني الذي يدور بالفلك الأمريكي-الأوروبي، وبالأخص بعد التعينات الأخيرة، للدفع بإحراجهم بغية إتخاذ موقف واضح وحازم وصارم وعملي، بنزع السلاح على كل التراب اللبناني.
3- والغاية الأخرى أيضاً، هو تمرير بعض الأهداف لها، ضمن سلسلة حلقات، خديعة المنصات الجنوبية، لتمرير مجموعة أهداف تصب بخانة زعزعة البيئة المناصرة للمقاومة وإستنفارها، وعدم السماح بالتمكين من التعافي والنهوض.
4- خلق أجواء من الحرب النفسية الإستباقية من العدو الإسرائيلي، على الشعب اللبناني، من جراء الخيار العسكري إذا ما حُسم من المقاومة، بديلا عن الدبلوماسية،أي الضرب بقوة وشراسة، للردع المُسبق للحؤول دون الخيار الحربي.
5- لن نغفل عن ذكر الحرب الإقتصادية، من خلال عدم السماح بالإعمار أبداً، لا من الخليج ولا من غيرها. وهذا ثابت من حكومة جورج سوروس الأميريكية الهوى، بغية إدخال لبنان تحت رقبة صندوق النقد الدولي.
6- إن العصا الإسرائيلية-الأمريكية، باتت في الشمال والشرق اللبناني، حاضرة وجاهزة للتلويح بها، عبر الإرهاب الداعشي، وما يستعصى على التكفيري، تتكفل به الطائرات الحربية الإسرائيلية.
كل هذا الضغط الذي نشهده، ستستكمل فصوله، وصولا إما للرضوخ والمهادنة والتفاوض المباشر، أم الخيار العسكري، أحلاهما مر، وعواقبه وخيمة، وإن بدرجات. خصوصاً بعد أن وقعنا بالفخ الأول، أي الإسناد، وأستدرجت المقاومة للمشاغلة، فستنزفت بها، لأنه بين الحرب واللاحرب، إندثرت المفاجئات والخطط المباغتة. والفخ الثاني، هو إتفاقية وقف إطلاق النار، التي وقعنا عليها، الذي عُد للتمهيد للإطباق والمحاصرة، والفخ الثالث هو ما يحاك الآن وهو الفصل الأخير، إذ تسعى جاهدة إسرائيل لإستدراجنا للحرب بغية القضاء والسحق الكلي والنهائي، أو المفاوضات المباشرة دون أوراق قوة أبداً، التي لن تكون لا عادلة ولا منصفة ولا متوازنة، سيكون توقيع المنتصر على إنتصاره وتفوقه وبشروطه.
كل هذا يجري أمام السكوت المُطبق الكلي، من دول العالم، بعدما تغلغل اللوبي اليهودي ووكالائه المتنوعين، في كل مراكز صناعة القرار العالمية، وإستحصل نتنياهو على ضوء أخضر ترامبي ومن الدولة العميقة، بتهويد فلسطين برمتها، وسحب أي ذريعة، لأي دولة عربية مقدمة على التطبيع، بأنه لم يعد هنالك من شعب فلسطيني، ولا من قضية تفاوضوننا بشأنها من خلال التهجير إلى سيناء والأردن. هذه المرحلة الذهبية لليمين الإسرائيلي التوراتي، لتحقيق حلم هرتزل بالتهجير، تعلو أسهمها، بالشره بالتوسع، بعد النشوة بالتوغل، هذا كله بغية تحقيق مشروع إسرائيل العظمة وإزالة كل مكامن الخطر من حولها، وبتثبيت أن إسرائيل بيت من فولاذ تحديدا من نتنياهو بعد أن رسخت في ذهنية ونفسية الجنرالات والضباط الإسرائليين أنها أوهن من بيت العنكبوت.