الأحد , فبراير 23 2025
الرئيسية / الأدب المنتفض / بين مشهدية كربلاء ومشهدية اليوم

بين مشهدية كربلاء ومشهدية اليوم

بقلم د رلى فرحات 

ترسم هذه المشاهد (مشاهد تدفق الناس من كل أنحاء العالم إلى بيروت منارة الدنيا ومركز شرائع القانون) في ذاكرتي مشهدية تدافع الناس من كل حدب وصوب، هائمة على وجهوها، تاركة كل الملذات والمغريات، راكضة للإجتماع مع الإمام موسى بن جعفر ع في مسلسل غريب طوس.
كما تجسد في مخيلتي مشهدية معاكسة في عودة المناصرين الكاذبين المخادعين، عابدي الدنيا والمال الذين خذلوا الإمام الحسين ع في كربلاء وقد عفروا رؤوسهم بالرمال ولطموا على وجوههم خيبات وخيبات.
كما نقول بالعامية بلا قياس وتشبيه، حتى لا ينعتني ناعت بالمغالاة، بل ما قصدت قوله:
إن في مشهدية كربلاء كمية كبيرة من السهام والنبال والسيوف والخيول أجرمت إجراما لم يعرفه تاريخ قط. وقد انتصر الدم على السيف ورأى العالم ومازال يرى تردد صيحات كربلاء منذ ١٤٠٠ عام
هيهات منا الذلة – ألا من ناصر ينصرنا
يقول الله سبحانه وتعالى عن القرآن الكريم:
(بِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۖ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًۭا وَنَذِيرًۭا)
وفي هذا الحق نجد الآية التالية:
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)
ومن أجل الموضوعية، سألنا تطبيق الذكاء الاصطناعي: من هم أهل البيت في هذه الآية؟ وقد جاء الجواب:
أهل البيت في هذه الآية يُقصد بهم بشكل خاص:
النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فاطمة الزهراء (ابنته)، علي بن أبي طالب (زوج فاطمة)، الحسن والحسين (أبناء فاطمة وعلي).
وبما أن القرآن ينطق بالحق فهذا تثبيت ثابت مؤكد أن الحق مع أهل البيت. (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ)
إذا، لا مجال للنقاش والتشكيك أن الحسين ع على حق. هذا الإنسان الذي تحدى الظلم والتنكيل بكلمة حق، وواجه ببسالة مقطوعة النظير هو وكل من ناصره لإعلاء كلمة الحق. هذا الذي قال عنه غاندي: تعلمت من الحسين كيف أُظلم، فأنتصر!! وكان ومازال بوصلة الثورات والإنتفاضات ضد الظلم والظالمين

واليوم وبعد ١٤٠٠ عام، نتكاتف ونتضامن ونجدد الصيحة، صيحة الحق، هيهات منا الذلة. لن نطلب المناصرة من أحد، من ينصرنا له البركات وأثير العزة والكرامة لأنه يقيم شعائر الله. ومن يخنع ويتهاون ويُسهم في قتلنا ويدفن رأسه بالرمال كالنعامة، لن يحصد أكثر من مصيدة تودي به إلى جهنم الدنيا والآخرة.

ألا من ناصر ينصرنا ليست شعار ضعف وتوسل، بل هي طلب هداية ونداء أخير (للآخر) لطريق الحق.

رُلى فرحات
22-02-2025