بقلم المهندسة الاستاذة زهية عبد الله
7 أكتوبر- صفعة لمعادلات القرن
التّصحيح التّاريخي لمسارات الشعوب
ماذا بعد السّنوار؟
لقد مر على التّاريخ الكثير من الصراعات والأخطاء التي أدّت الى حروب نتج عنها خسارة فادحة في الأرواح والأملاك والمقدرات الطبيعية والحضرية، فكم من حرب جاءت بمضمونها تصحيح للأخطاء البشرية بحق الشّعوب، وكم من سياسات ومفاوضات أضاعت تلك الحقوق وفرضت معادلات كانت بظاهرها تلامس حاجات الشعوب.. ولكن تحمل ضمن طياتها ثغرات كثيرة يمكن ان يتملص منها من يطمع بالتسلط والهيمنة على المقدرات المحلية سواء كانت بشرية, حضرية أم جغرافية. وكم من حركة مقاومة يمكن ان تبتدع تاريخا وأفلاما واقعية ودروسا ملموسة مخلدة في الإرث النّضالي لطموح الشعوب وأحرار العالم: إذ اصبح لمصطلح “7 اكتوبر” و”السنّوار” دلالات رمزية على المقاومة والنّضال والانتفاضات المسلحة بوجه الطّغيان الكبير. فكيف تكون تلك الحركات النّضالية تصحيحا للأخطاء التّاريخية بحق الشّعوب الأصلية؟ وكيف تكون صفعات مهمة لسنوات طويلة من معادلات واجتماعات ومحاولات كثيرة لقلب الموازين لصالح أطراف الطّغيان والتسلّط؟
فإذا راقبنا التسلسل الزّمني للإستفادة من دروس التّاريخ قدّ نبدأ المقاربة ابتداء من نهاية الحرب العالمية الثانية ومن لحظة تحقيق إتفاقية سايكس-بيكو على إعتبار انها لحظة حاسمة من شأنها أن تقوم بعملية تبديل الحال الجذري والكلّي للشّعوب وتقسيم مقدرات الدّولة العثمانية على الدّول المنتصرة. فكيف يمكننا ان نستخرج تلك الاخطاء وكيف أتت 7 اكتوبر كتاريخ مرعب للمعادلات؟
نبدأ بانتهاء الحرب العالمية الثانية, اذ نشأ نظام عالمي جديد جاء ابرز ما فيه من مضمون بتقسيم أراضي العثمانيين وتوزيع الاراضي على دول المنتصرة بفكرة يمكن تجميلها وصياغتها لتصبح مقبولة من الشعوب المحلية على انها “انتداب” وليست إحتلال وبالتالي يمكن ان تقلل من مقاومة ومناضلة الشّعوب المحلية ما يقلل من فاتورة الاستعمار. عرّفت على انها وصايا لتشكيل قوميات وحدود وحسن سير الدّول الناشئة المستجدة فكيف ستعيش تلك الدّول التّي كانت تتحرك ضمن فراغ حضري وجغرافي متصل ومتكامل الى حدود مستقيمة في التكوين الجغرافي للبلاد.
لطالما نوقشت تداعيات وأخطاء هذا المشروع خلال الفترات السّابقة على انها خطأ تاريخي يضر بالمصالح المحلية، وهي تحد بشكل واضح من حركة السّكان السابقة وتبني نظم إقتصادية وسياسية جديدة.
ومن الأخطاء التّاريخية التّي لا يمكن ان نتخطاها بعد الحرب العالمية الثانية تشكيل نظام عالمي جديد مصاحب بأزمات إجتماعية كثيرة سواء كانت محلية إقليمية ام عالمية.
وفي العودة إلى التقسيمات الجديدة نلحظ انحسار الاتراك ضمن حدود تركيا كما حمل اليهود همّ المحرقة اليهودية على يدّ هتلر وبهذا السياق تم تشكيل الكيان الاسرائيلي, وحمل الأرمن العداوة للأتراك وتبدد حلم الاكراد بإنشاء الدولة الكردية و ضاعت الوعود الكثيرة بالإستحصال على حقوقهم القومية.
فكان ظهور الممالك الثلاث الأساسية (إيران, مصر والسعودية) التي لطالما كانت كل منها تطمح لتولي الخلافة الإسلامية ما بعد الدّولة العثمانية كمرجعية دينية تحمل همّ الأمة الإسلامية. وسرعان ما التهت مصر عن الحلم بالخلافة لوقوعها تحت الانتداب البريطاني وبدأت السعودية مرحلة التأسيس خاصة مع اكتشاف النفط وعملت ايران على المضي بالمشروع النووي كحليف مميز للولايات المتحدة في عهد الشّاه.
وهذا ما تمّ إعتباره اليوم أنه “الخطأ التّاريخي” من وجهة نظر الولايات المتحدة خاصة بعد الثورة الإسلامية في ايران وتولي الخميني الحكم وانشاء دولة الفقيه. فكم من خطأ تاريخي مرّ حتى اللحظة ان كان من ناحية الشّعوب المحلية أم من ناحية الدّول الاستعمارية وخاصة مع بروز مملكتان كبيرتان في الخليج ومحيطه تحملان راية الإسلام وتختلفان في الإيديولوجيات والعقائد الإسلامية اذ لا زالت النزاعات العنيفة مستمرة بينها حتى الآن.
فكيف جاءت 7 اكتوبر في سياق هذا التّراكم التّاريخي؟ وكيف وصفت على انها الصفعة القوية لمعادلات القرن؟ فإذا توجهنا للعمق أكثر للقضية الفلسطينية يمكن ان نقول ان 7 اكتوبر جاءت في اللحظة الاخيرة قبل مرحلة التّطبيع العربي- الاسرائيلي وطمس كل مكونات القضية الفلسطينية.
توالت الحروب والصّراعات حتى وقوع النكبة سنة 1948, فلا بأس أن يحصل اليهود على قطعة ارض تمكنهم من تشكيل دولة تحميهم من الخطر الذي تعرضوا له من الدّول الاوروبية كفكرة مقبولة من الدّول المنتصرة التّي تطمح بالاستعمار وهي مرفوضة من الشّعوب المحلية فنشأت حركات مقاومة مشروعة للنضال ومناهضة الكيان الغاصب. توالت الأحداث والسنين ولاحظ الجميع إكتشاف الولايات المتحدة ان انخراطها في مشاكل الشرق الأوسط وتدخلها العسكري المباشر في العراق وأفغانستان كان يلهيها عن الخطر الاكبر القادم من الشّرق الذي سيهدد أحادية القطب ومركزية الحكم السياسي, الإجتماعي والثقافي والأخلاقي, فسعت للتخلص من أعباء مشاكل الشرق الاوسط والتّفرغ للهم الاكبر من خلال محاولتها تحقيق السّلام الفوري بين الدّول العربية والكيان الإسرائيلي فبدأت المفاوضات إبتداءا من ولاية اوباما ونتج عنها قبول العرب الاولي و جهوزيتهم للسلاّم دون حلّ للقضية الفلسطينية. ومع استلام محمد بن سلمان ومحمد بن زايد الحكم وبإيديولوجيات منفتحة نشأت على صراع الممالك الإسلامية في طوائفها وخوفها من التوسع والمدّ الإيراني وخاصة مع امتلاك إيران للسلاح النووي وان إسرائيل لم تحاربهم يومها وخاصة مع توالي الأحداث في اليمن والعراق وسوريا ولبنان إعتبر هؤلاء الحكام أن لا بأس من تصفية القضية الفلسطينية لتحقيق أطماع قومية ومواجهة إيران وإدخال إسرائيل كطرف في الصّراع التّي تتمنى أن تبقى هي التّي تمتلك السّلاح النووي الوحيدة في الإقليم وخاصة مع عرقلة الفلسطينيين للإتفاق الذين إعتبروا ان الصفقة غير عادلة وهي الكلمة التّي صرح عنها الرئيس الفلسطيني عباس بأن ترامب هو حليف غير منصف وسيبحث عن مظلات اخرى لتحقيق السلام وأن صفقة السّلام بالسردية التي يحاول اللاعبون خلقها تضر بمصلحة الفلسطينيين وتزيل كل مكونات القضية الفلسطينية اذ أقدم ترامب حينها في سنوات عهده الى الغاء كل الإنجازات والإتفاقيات السّابقة سواء كانت مع ايران بما يخص المشروع النووي وفرض عقوبات إقتصادية عليها ومحاولة لإخضاع الفلسطينيين من خلال الإعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السّفارة من تلّ ابيب اليها وعمد على التّخلص من كل شيء قديم والبدأ من جديد بما فيها الامور الإجتماعية الحساسة وعلى رأسها القدس, فضلا عن اهماله اللاجئين الفلسطينيين والضغط على الإنروا وتجفيف منابع دعمها كما نزع حقّ العودة وعمد على البحث عن اطراف آخريين للتفاوض على إعتبار ان الفلسطينيين ليس لديهم ما يقدموه واستبدالهم للتفاوض مع السعودية ومصر والأردن وجرهم بالقوة او بالترهيب من انهيار انظمتهم لطاولة التّفاوض والا عليهم القبول والصمت وعدم الشّكوى.
هذا السياق كان محاولة لإخضاع الشعب الفلسطيني لإتفاقية السّلام وتسلسل العقوبات على ايران أجبر الأطراف المقابلة للتلاقي في محور الممانعة في وجه السياسات التّي تحاول الولايات المتحدة فرضها. هذا السّياق جاء على الصّعيد العالمي والإقليمي فالوضع المحلي في فلسطين لم يكن أفضل بل عانى الفلسطينيون من تجاذبات داخلية ومن خذلان الى آخر كما تمادت اسرائيل في سرقة الاراضي وبناء المستوطنات وخنق الضفة الغربية وقطاع غزة .
من هنا وعند قيامنا بقراءة سريعة للتسلسلات الزمنية لوضع التاريخ ضمن سياقه يمكن ان نذكر ايضا
الخطأ التّاريخي الذي لا زال الفلسطينيون يذكرونه حتى الآن هي إتفاقية أوسلو سنة 1993 التي ابرمت بين طرفيين اثنيين وهي منظمة التّحرير الفلسطيني (فتح) ودولة الإحتلال الإسرائيلية بإشراف الولايات المتحدة.
فقد كانت هذه الحقبة هي المرة الأولى التي يضع بها الفلسطينيون يدهم بيد إحتلالهم: وقد جاء مضمون هذا الاتفاق الإعتراف بالاحتلال كدولة شرعية من خلال نفي الفقرات الواردة في الميثاق الفلسطيني التّي تنفي حق اسرائيل في الوجود كما أقدمت على اسقاط المقاومة المسلحة المشروعة وتحويلها إلى مفهوم ارهاب فكري مسلح و السعي للتعايش السّلمي من خلال تشكييل ادارة فلسطينية لها حكم ذاتي تلاحق جميع الفصائل المقاومة وتتولى 5 حقائب من شأنها ان ينتج عنها اسقاط العبء عن اسرائيل بتأمين حياة الفلسطيني. وهكذا تحول الإحتلال الى “استعمار فاخر” يقدم الحقائب المدنية للحكومة الفلسطينية الجديدة (التعليم والثقافة, الصّحة, الشؤون الاجتماعية, الضرائب المباشرة والسّياحة) وتتمسك هي بالأمور العسكرية والأمنية وبذلك أخرجت الاراضي المحتلة من قبلها من دائرة الصراع وترك الفلسطينيين لمتابعة احوالهم اليومية والتّصدي للحركات المقاومة وهكذا انتهت مرحلة التّفاوض بمبدأ الأرض يقابلها السّلام.
اذا لماذا يعتبر الكثير من الفلسطينيين ان اتفاقية اوسلو هي من اكبر الأخطاء التّاريخية رغم استحصالهم على بعض الحقوق المدنية؟ هذه الاتفاقية حولت الفلسطيني الى مدني منزوع القدرة عن الدّفاع عن ارضه والسعي للبحث عن تأمين حياته وقوت يومه , كما حولت الكثير من الفصائل المقاومة المشروعة والمقاومة المسلحة للإحتلال غير شرعية وإرهابية ومنها حركة حماس الجهادية وغيرها من الفصائل المهمة في ساحة النضال والمقاومة الفلسطينية. في حين أن الموافقة على قرار الاتفاقية جاء بأكثر من 50% موافقة من المجلس الاسرائيلي في حين أن الجهة الفلسطينية لم تحظى بأي تشاور على الصعيد الشعبوي أو أي محاولة لإستطلاع الرّأي هذا ما اعتبرها الكثير على انها فاقدة للشرعية و اقدمت على شق الصف الفلسطيني بين مؤيد ومعارض لها فنشأت الكثير من الصراعات الدّاخلية تمّ محاولة إخمادها من خلال اتفاق مكة ويليها اتفاق القاهرة 2011 واتفاق الدّوحة 2012 والتي لا طالما باءت بالفشل لأسباب كثيرة. كما لم تحلّ هذه الإتفاقية أي من القضايا الحساسة المحلية وتركتها للمشاورات والمفاوضات مثل: اللاجئون خارج الحدود, حدود الدّولة الفلسطينية المستقبلية, حق العودة, المستوطنات, شرق القدس, الترتيبات الأمنية, الأسرى والمعتقلين. ومن أسوء تداعيات هذه الاتفاقية أنها أدت الى زيادة 120 مستوطنة مما كانت عليه قبل وبزيادة أكثر من 450 ألف مستوطن لم يكن بمقدور الإحتلال بإنشائهم بسلام قبل التوقيع وهكذا أصبح الفلسطيني مسلوب القدرة على التّحرر لعدم قدرته على تشكيل الحكومة التي وعد بها وانغماسه في تطبيق متابعة حل الفصائل المسلحة وبالتالي انغماسه اكثر بالتجاذبات الدّاخلية, كما اعتبر الكثير ان صفقة القرن كانت نتاج طبيعي لإتفاقية أوسلو.
ومع التقدم بالاتفاقيات الإبراهيمية ومحاولة لتشكيل ناتو سنّي يضع يده بيد الإحتلال الاسرائيلي في مصلحة ردع ايران ومن جهة الاخرى مع تشقق النّظام العالمي المركزي والذي يقوم على أساس الهيمنة لمقدرات الأراضي للسكان المحليين بمنية على المركزية الغربية جاءت 7 اكتوبر كصفعة قوية لتصحيح جميع الاخطاء السابقة بحق الشعوب المحلية وخاصة الشعب الفلسطيني الذي يطمح بالتحرر. واعتبر الكثير من المحللين انها صفعة لمعادلات القرن اذ انكفأت السعودية عن التّطبيع بسبب الوضع الراهن في فلسطين ودخل حزب الله الحرب والمحاور الشقيقة كالعراق واليمن كجبهات اسناد لحماس في سبيل عدم تحقيق الاتفاقية.
ومع مقتل القياديين في الاحزاب: مثل اسماعيل هنية, حسن نصر الله و يحيى السنوار تساءل الكثير عن ماذا بعد السّنوار؟ على اساس انه القائد الاكبر لعملية 7 أكتوبر وبالتالي يمكننا توقع السيناريو التالي:
1-بالنسبة للساحة الفلسطينية، تحول السنوار ايقونة للمقاومة والانتفاضة على غرار “هوتشي منه” في فييتنام و”جيفارا” وزادت لائحة المقاومين العالميين للإحتلال واحرار العالم اذ شهدنا رسومات كرتونية للساموراي الياباني الذي يرتدي الكوفية الفلسطينية. هذا من شأنه أن ينشأ جيلا واسعا من الاطفال الذين شهدو المجازر في فلسطين سواء كانوا ضمن الحدث او خلف الشاشات وهكذا سيكون السنوار ايقونة جديدة تحيي جيلا بأكمله تمكنهم من قلب المعادلات من جديد. وهذا ما لا نستبعده وخاصة ان هيبة الاسرائيليين استطاع السنوار ان يكسرها بعمل بطولي يوم السابع من اكتوبر. وبالتالي يقوى مفهوم “الشّجاعة, القوة, النضال والجرأة والمثابرة” لدى الاجيال الجديدة كدرس عملي مهم بدلا من الخمول والإخضاع وذل الاجيال السابقة لذلك سنشهد حركات جديدة ومظاهر جديدة من الكفاح الشعبي الداخلي والعالمي مصاحبا حملات المقاطعة وبالتالي ستصبح حماس كما باقي الفصائل التي تدعمها اقوى وأمهر ومقبولة عالميا كحركات مقاومة ضد الطغيان, كما ستحقق المقاومة انجازات مهمة في الفترة اللاحقة بسبب انخراط اسرائيل في حروب ونزاعات اقليمية كما سيلتم الصف الفلسطيني ويتعزز التعاون بين الفصائل الجهادية الاخرى وزيادة في شعبية حماس المحلية التي قدمت نفسها كمشروع حقيقي لتحرير الأرض والدعوة للتحرر . وهكذا خطت اولى خطواتها في زوال اسرائيل.
و من جهة أخرى انتقلت اسرائيل للتفاوض من مرحلة الارض يقابلها السلام الى السلام يقابله السلام لذلك سنشهد دمارا واسعة في المدن الفلسطينية واللبنانية.
و في الشارع الاسرائيلي ستزيد العمليات الانتحارية والاحداث الامنية لمناصرة إخوانهم في غزة اذ لمس الفلسطينيون مساوئ النظام القديم واحسو بمعركة والوجود التي تشنها اسرائيل. الضغوطات ستزيد على الجانب الاسرائيلي سواء كانت داخلية من حركات المقاومة الشعبية او من الاحزاب والشعب الاسرائيلي الذي يفقد تدريجيا الثقة بالدولة.
وخارجيا ستزيد الضغوط الشعبية العالمية على الانظمة والحكومات لوقف الجرائم مع حذر للتعامل مع القضية الاسرائيلية يقابله هذا الحشد العالمي وبالتالي تجميد اتفاقية القرن حتى اتنهاء الاعمال الوحشية لامتصاص غضب الشعوب. كما ستسعى اسرائيل لمحاولة لكسب الوقت حتى انتهاء الانتخابات في الولايات المتحدة على اساسه سوف تقرر اسرائيل كيف ستمضي سواء باكمال الحرب اوبالسعي لتحقيق الاتفاق. اسرائيل بعد السابع من اكتوبر ستكون اكثر وحشية وتطرفا وعدائية لأنها لم تستطع كسر الأنتفاضة المسلحة وباتت معركتها معركة وجود حقيقة ومع تقديم الشعب الاسرائيلي لتضحيات ومعاناة قوية قدّ يخيم طيف الإحتجاجات الشعبية الدّاخلية مع الازمة الاقتصادية وقد تصل لحدود الحرب الاهلية.
اما على الصعيد اللبناني, سيزداد الدّمار كعنصر داخلي للضغط على الحزب كما ستلاحق الطائفة الشيعية بكل الوسائل لضرب البنية والبيئة الحاضنة للمقاومة وتزيد الصراعات الطائفية الداخلية التي من شأنها ان تخلق جدالا واسعا بين الافرقاء اللبنانيين الذين ينقسمون بين مؤيد ومعارض للحرب وجبهات الاسناد وقد يؤدي بذلك لنزع سلاح حزب الله خاصة بعد وفاة الامين العام المقدس بنظر الطائفة الشيعية مع تهديد بزيادة الاحتجاجات اذا تدخل الحزب في الصراعات الاقليمية. بما لا شك فيه ان المقاومة تتالت عليها الضربات ولكنها أظهرت كفاءتها بالاستمرار والمقاومة الشرسة لربما ستتعرض للمحاسبة الشعبية بعد الحرب ولكن من المرجح ان تكون اقوى من ما كانت عليه سابقا وحتى في حالت النصر والمضي بالمفاوضات لصالح فلسطين.
اما بالنسبة للمستوى العالمي: يعتبر 7 اكتوبر مسرع لتغيير انظمة وقواعد النظام العالمي وخلق شقوق جديدة وقوية فيه القائم على للمركزية الغربية الجيوسياسية والمركزية الفكرية المستندة على ما يعتبر قيما جامعة لما ينبغي على العالم أجمع ان يتبعوها : الليبرالية والنيوليبرالية الحديثة التي أنتجت طمع وشجع بشري بشع ولدته رؤية الإستهلاكية لهذه الأنظمة. وستسعى الولايات المتحدة جاهدة بكل ما تستطيع لفرض المسار السابق كعملية فرض السلام والتفضي للهموم الكبرى ومع محاولة لإشعال الجبهة في الصين لإلهائها. وبالتالي ستزداد الأمور دمارا وسوءا في فلسطين ولبنان حتى اللمس الفعلي للكلفة القوية في قمع المقاومة في الدولتيين وفرض اتفاقية السلام بقوة مع اخذ الضو الاخضر من دول الخليج وبالتالي نتائج الإنتخابات ستحقق المسارات القادمة وخاصة مع التخوف من حرب أهلية قد تفقد الولايات المتحدة الثقة ويخف دورها في تصدير ثقافتها للعالم ومحاولتها لفرض نفوذها في المنطقة.
وهكذا اقتربت 7 اكتوبر من تحقيق الصفعة القوية لمعادلات القرن وقد تكون مرحلة فاصلة وتصحيحية لمسارات الشعوب.