بقلم الدكتور محمد توفيق أبو علي
قيل إنّ سقمًا أصاب الضّوْع، فهُرِعتْ جماعة الزّهر والورد، تلتمس الشّفاء، عند ياسمينة الرّجاء.
واستقبلتهنّ ببشاشة لم يدركن أسبابها؛ وأدركتْ حيرتهنّ، فقالت:
_يا معشر الزّهر والورد، إنّي رأيت رؤيا، تحمل بشارة بالفرج!
_ماهي؟
_أخذتني البارحة إغفاءة قصيرة، فرأيت قبَسًا من النور، يحمل في راحتيه رمادًا أخضر، يبذره
في الأفق، ثمّ يغيب، ليعود ثانية إلى بذر رماده، ثمّ يغيب، ويعود… وحينما أفقت، وجدت إلى جانبي طائرًا…فنظرت إليه؛ فبادرني بالقول:
_ لاتخافي!
_من أنتَ؟
_أنا رسول القبس النورانيّ إليك، أنا الرّماد الذي يعشوشب حين يصفرّ؛ جئت أحمل إليك بشارة الضّوع!
_ومن أين لك هذا التجدّد؟
_من ذبالات القناديل التي ضوّأتْها ثلاث قصائد: واحدة فَجَعَها ما حدث لرغيف الجياع، فأطلقت صرختها؛ وأخرى آلمتها غربتنا عن فلسطين، فبكت حروفًا موجوعة وموجعة؛ وثالثة مثقلة بالصّبابة، نقلت هُيامَ حبيبٍ إلى حبيب؛ وهطلت ببركة هذه القصائد غيمة روتْ جدْبًا في صحارى العقول؛ واستوت مزمورًا رتّلته نخلةٌ في بلاد العرب، كانت تصلّي صلاة الاستسقاء.
ورحل الطّائر مخلّفا وراءه رماده الأخضر…
ومضت الياسمينة تعيد قراءة القصائد؛ فاشتعل المدى ضوعًا، وآبت السكينة إلى نسغ الزّهر والورد!