السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / واحة الشعر والخواطر / سيدة الأحزان/بقلم الأستاذة فاطمة قبيسي

سيدة الأحزان/بقلم الأستاذة فاطمة قبيسي

سيدة الأحزان

بلغ الدمار الدّجى
صوته الصادم رؤى
أقدسُ كانت هنا؟
نهرُ الدموع جرى
يبحث في عيون عشتروت
عن سيدة الأحزان
الموت على جبينها رأى
الهشيمَ يجعّدُ المساكن
ويجولُ في الكنائس
والمآذن.

كانت مدينتي عندما ترقصُ
طبولُ الفرحِ تُقرعُ
فيسمعُ الحزين أبواق الترحِ
إليه تزحفُ
جسورها كرومٌ يقف عليها الرهفُ
يتدلى المطرُ من غيمها المرح
والألماس في جيدها شغفُ

مدينتي سمراءُ العيونِ
في حورها غارٌ وسكينُ
إن نظرت إليها قتلك الحنين
فيحيا فيك الطيفُ
يسكنُ أزقتها جنين
كأنّ المخاضَ الصيفُ

ماذا فعلتم بالأرز
وزهرة البيلسان
وقمح أيلول
وساعة جدي؟
يتساقط كل شيء
على كل شيء
وجراحنا خمر ونبيذ
يجرعُ كأسنا ضميرهم
ولا يقومُ
عن مأدبة العشاء
صليبُ
أنا الأخيرُ
الذي وصل إلى حافة
الرّكام
وبقيتُ حيا
آخرُ الوافدين أنا
طريقي كان بعيدا
مرّ الشاطئ في فمي
علقمًا مريرًا
ملحه أسود
وضوءه مخيفٌ داخله سفينة!
كنتُ أحبّ البحر كثيرا

صوتي بيداءٌ
صرخ كالصحراء العنيفة.
لا صوت.
لا حناجر.
الانكسار  انفجار مدينة!

ماذا فعلتم بالزيتون
ووطن الحبق
وبيروت؟
كانت مدينة الحسناوات
وسفيرةُ الياسمين
إلى الشام وفلسطين

زارها الفراقُ
والضجيج والحنين
وخانتها الأقدارُ كطقس تشرين
قميصها كان مشبعًا بالأزرار
تفيض أنوثة
كلما ازدادت عروبةً
كانت تخلقُ الطين
من الثلج
خفيةً كالساحر
مدينتي كانت اله
الطفولة
وعبيق الخلود
ومعرابها رأس تنين.

تخطفها قبلة عاشقين
في شوارعها الوميضة
كنّا نسأل أين ذهبت؟
كانت هنا منذ دقيقة!
تبحثُ عن الدهشة المستحيلة كحورية
إنّي أراها اليوم منكسرة  وحزينة
ماذا فعلتم  يا جواري بالوطن والأميرة؟