السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / مقالات / في حوار الحضارات

في حوار الحضارات

بقلم الكاتبة تسنيم العابد

(حوار الحضارات)
إن العلاقة بين الحضارات قائمةٌ على الاختلاف لا الائتلاف، وذلك بدليل قوله تعالى: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا”.
والحوار الحضاري أداة مهمة، تؤدي إلى تحقيق التفاهم بين الشعوب المختلفة، وهي تتسم بالإيجابية وتحقق التعارف والتفاهم بين الشعوب، وتحسم تلكَ القضايا بين الشعوب المختلفة.
ممَّا يعني أنَّ كلّ حضارةٍ تنفردُ بسماتها وخصائصها عن الحضارات الأخرى، فلا تُشبِهُ الواحدة أختها، وإنَّما لكلِّ منها ما يجعلها تتميَّزُ بالفرادة، وقد تتعادلُ كفَّتَا حضارتين، كدولتانِ من دولِ الغرب، وقد لا تتعادلا، كدولِ الشَّرقِ برمَّتِهِ مقارنةً بدولِ الغرب.
“أمَّا عن حوار الحضارات في الفكر الإسلامي فو منبثقٌ عن مبدأ الإقرار والتأكيد على التنوع الحضاري والثقافي، بالإضافة إلى تعدُّد اللُّغات، والعدل بين الناس وعدم تفضيل أحد على أحد بناءً على لون، أو جنس، أو عرق، أو أي من عوامل التفريق الأخرى، كما أن الفكر الإسلامي يقرُّ بتداولِ الحضارات لآرائها وخبراتها، وأنَّ التَّطوّر ليس ملكاً لأحد، وليس حكراً على أحد فهو أمرٌ متاحٌ لجميع الشعوب.” فهد بن عبد العزيز السنيدي، حوار الحضارات، صفحة 30-33. بتصرّف.
وقال الباحث الفلسطيني سامي عدوان، المدير المشارك لمعهد أبحاث السلام، إن “الحوار بين الحضارات جزء أساسي لإيجاد نقاط مشتركة بينها، فهو مهم للشعوب المختلفة من ناحية التقارب الحضاري، وأيضا اكتشاف الأشياء التي تميز الحضارات المختلفة، مما يخلق قدرة على التعايش معا بسلام”.
وأضاف أن “حوار الحضارات يساعد على إنشاء مجتمع متعدد الثقافات، الحوار يحترم الثقافات ويقدرها وهو جزء من العولمة الثقافية والحضارية”، ونُعَوِّلُ سببَ فشلِ حضارةٍ ما في حوارها، وتدَنِّي مكانها، بذلكَ البُعد السِّياسي والعُنصُرِيَّة في الحضارة تلك، أي الحضارة التي ترفض أن توجه ولائها للإنسانية، فتوجهه إلى شعبها ومبادئها وتقاليدها، متصفةً بالعنصرية البحتة، مع أنَّ كلّ حضارةٍ منهما تحتوي على العناصرِ نفسها الَّتي تتمثَّلُ بالشَّعبِ والسُّلطَةِ والأرض، ثم إن عُنصُر القوَّة في حضارةٍ ما قائمٌ على حوار ناجحٍ، تُنتِجُ فيهِ الحضارة إنتاجًا تَستَطيع من خلاله أن تتبادلَ وتتحاور مع الحضارة الأخرى.
ثمَّ إنَّهُ لا يمكنُ لحضارةٍ أن تنمو وتتعادل مع كفَّةِ حضارة أخرى ما لم تكن مُنتِجة، ومَرِنَة في الحوار.
ولا يخفى على أحدٍ أنَّ هناك سجلَّاً تاريخياً بين الشرق والغرب، وهذه المعادلة العالميَّة تشيرُ إلى أنَّ الشَرق فيما مضى من الزَّمن البعيد كان هو أكثر فاعليةً وازدهارًا من الغرب؛ إلا أن الثَّقافة العربية والإسلامية الممثلة للشَّرق كانت في عصر ازدهارها وقفت مع الغرب أثناء نهضته ومدَّته بأدواتها، من دون أن تجبرُه أو أن تهيمنَ عليه بالثقافة الشرقية، انطلاقاً من مبادئها بالاحترام المتبادل للأديان والثقافات الأخرى.
في ذاك الحين الذي كان فيه الغرب قويَّا ومالكًا خيوط وزمام المبادرة، مقارنةً ومقابلةً بضعفِ وهوانِ الشَّرقِ بسببِ عواملٍ شهدَ لها الجميع.
وزبدة القول، أنَّ حوار الحضارات لا بدًّ أن يكونَ بالاحترام المتبادل، وعدم التقليل من شأنها وتجنُّب فكرة فرضِ قيمِ حضارةٍ على أخرى، وعدم المساس بهُويات الثَّقافاتِ، ولا ننسى نقطة مفصلِيَّة في سيرِ كلِّ الحضارات، ألا وهي الوّلاءُ للإنسانيَّة، فبهِ تنجعُ الحضاراتُ في حوارها. وعندها فقط سنّصِلُ إلى السَّلامِ العالمي!!