الإثنين , أبريل 28 2025
الرئيسية / مقالات / .العقلية العلمية ومسألة الحرية

.العقلية العلمية ومسألة الحرية

بقلم دكتور رمضان أحمد العمر
كانت المؤسسات التعليمية ومازالت تضع في مقدمة برامجها مهمة نشر الوعي العلمي في صفوف المجتمعات، وكان ذلك من خلال برامج واساليب تعليمية ترتكز على أسس منهجية وأكاديمية استخدمت بدءًا من حملات محو الامية مرورًا بمراحل التعليم كافة… وصولًا إلى إيجاد برامج للتثقيف المتطورة.
وتجدر الاشارة إلى أن المعرفة المتقدمة هي أحدى أهم وسائل الانتقال بالانسان وتحريره من سيطرة الطبيعة وأسهامها في خدمته، أما من ناحية علاقته بأفراد المجتمع مع بعضهم البعض والتي بدأت بالتعاون في المرحلة الاولى من بدايات تطور المجتمعات، وبعدها انتقلت إلى استعباد وقهر واستغلال بظهور الملكية الخاصة وبالتالي احتكار المعارف العلمية التي انحصرت داخل طبقة المستغليين، وتم استخدام سلاح تجهيل الشعوب لا بل تعداه إلى نشر الافكار التي تبقيها مستلبة لا قوى لها على التفكير والتغير.
وفي واقعنا الحالي الذي تمخض عن اكثر الاختراعات والمشاريع العليمة وتطورًا وتتسارع فيه الاكتشافات العلمية، وبالتالي وجود اساليب متطورة لبرامج التجهيل التي تشرف عليها بعض القوى التي تسعى للنيل من الشعوب العربية.
فالبلاد العربية اليوم أمام تحدٍ خطير جدًا ويجب التصدي لما يجري بامكانية نشر وتعميم التفكير العلمي وسيادة العقلية، وكذلك البحث عن الاسس لتطوير طرق التفكير المتخلفة، ولا يمكن ان يبقى بعض الاشخاص يتفاخرون بالانجازات العربية والاسلامية ويقفون حاليًا بعقلية تكون حاجزًا في طريق تحقيق انجازات معاصرة، والسبب عدم فهمهم للواقع والعوامل والظروف التي تحققت بموجبها تلك الانجازات العلمية في السابق، وبالمقابل فأن هذا الوقوف السلبي يعرقل مسيرة العقل العربي بجهل تفكيره، فيجهل مسألة الحرية.
ان مسألة العقلية العلمية هو تلك العقلية المنظمة التي ترغب وتسعى إلى التحرر من الجهل والسير باتجاه تطوير المجتمع، والعقلية العلمية ليست ملكًا للعلماء والمشتغلين بالمسائل العلمية بل هي عقلية يمكن أن يتمتع بها كل شخص، ويمكن القول أن التفكير العلمي ليس تفكير العلماء بل هو ذلك التفكير المنظم الذي يستعمل في الحياة اليومية أو في أي نشاط يمارسه الاشخاص.
ومن هذا المنطلق تعتبر سيادة العقلية العلمية بالاضافة للتفكير العلمي مسألة هامة للتحرر والتقدم بالمجتمعات العربية، خصوصًا وأن تلك المجتمعات بحاجة ماسة لهذه المسألة كونها بعضها يعاني التخلف والتبعية، وهي قاب قوسيين أو أدنى من الانهيار، والحديث عن مسألة الحرية في ظل مجتمعات عربية ما تزال العقلية العلمية في غياب جزئي أو كلي، شيء بعيد عن المحيط الذي يحاكي الواقع، وللاسف الشديد فان الامراض الاجتماعية والتخلف يكريس الانقسام حتى داخل كل مجتمع عربي، وذلك في غياب الوعي التفكير العلمي.
الشخص الذي يفكر بطريقة عقلية علمية يستطيع التكيف مع التبدلات أنطلاقًا من بيئته المحدودة حتى مستوى المسائل والقضايا الاقليمية والعالمية، خصوصًا وان واقعنا الحالي في متغيرات سريعة، ولهذا يجب اتخاذ مواقف مناسبة وسريعة بنفس الوقت.
وفي النهاية يوجد في البلاد العربية تراثًا ثقافيًا علميًا من واجب المؤسسات التعليمية والجمعيات والافراد … المساهمة في تعزيز واغناء هذا التراث ونشر المعرفة والعلم، ولكي تتمكن المجتمعات العربية من مواجهة التحديات والعمل من اجل التقدم فكل تقدم مرتبط بشكل أساسي بالتفكير العلمي الذي من صفاته التنظيم واليقين والدقة…