السبت , أبريل 19 2025
الرئيسية / غير مصنف / أنور الموسى الشعر سلاح بوجه إسرائيل ووثيقة قانونية تدين الاحتلال

أنور الموسى الشعر سلاح بوجه إسرائيل ووثيقة قانونية تدين الاحتلال

حوار : الأستاذ محمد عمرو

شاعر ملتزم يهتف للقدس والوطن العربي الجريح أهدى ديوانه لأميركية
الشاعر د. أنور الموسى: الشعر سلاح ووثيقة قانونية سترمي إسرائيل في سجون العار

الشاعر الدكتور أنور عبد الحميد الموسى، صاحب المفهوم الثائر: “الأدب المنتفض”. لم يعد قادرا على تحمل الصمت. هجر الكتابات الأكاديمية الغزيرة ليهتف مع الأحرار: “موتوا كراما”، ويندد بشراسة بالعنصرية والتعصب والقتل المجاني بين الأخوة العرب…
يرفض احتكار الساحة الثقافية، ويدعو إلى تشجيع الشعراء المبتدئين وتنمية المواهب، يتمسك بالشعر الملتزم. بحث في كل القضايا، فوجد أن القضية الفلسطينية هي أساس الإلتزام الأدبي، فكتب عن حلم العودة الذي تحقق في شعره، وعن المجازر الإسرائيلية؛ كمجزرة قانا، والمقدسيات، والبطل المضرب عن الطعام، والمستوطن ساحق الأطفال وذابح الحياة…
أهدى ديوانه للشهيدة الأميركية التي أعدمها الاحتلال، وهتف للأحرار والشهداء والثوار. مُدح شعره في الوكالات العالمية، وتناقلته الصحف الخليجية، ونال جائزة أفضل قصيدة عن بيت القدس الساحر…

منبر حواس التقى الدكتور أنور موسى وكان لنا معه هذا الحوار :
س: كيف لنا أن نتعرف على الشاعر الدكتور أنور عبد الحميد الموسى؟
ج : أنا حاليا أستاذ متفرغ في الجامعة اللبنانية، ولدت في العام 1976، ببيروت، تغلف حياتي الأولى المعاناة، فأهلي ذاقوا “الأمرين” في الحروب والتهجير… ومع معاناتي، كافحت في التعلم والعمل البسيط… إلى أن حزت على خمس إجازات جامعية في: اللغة العربية، والصحافة، وعلم النفس، والإعلام المرئي والمسموع، والتربية، فضلا عن دكتوراه دولة، وباتت مؤلفاتي تربو على ال20، جلها في دار النهضة ببيروت. آخرها ديوان زيتونة القدس.
أما الدكتور أنور الموسى الإنسان…فهو متحيز لقضايا الضعفاء المستضعفين…واللاجئين…والمحرومين مهما كانت جنسيتهم ودينهم…
ود. أنور الأديب هو ذاك الإنسان المتواضع علميا الذي خط طريقه بنفسه، بمؤازرة أب عامل بسيط مكافح رحمه الله..وأم مكافحة أيضا…وجد ضرير روى لي القصص المشوقة…
أنور الأديب كافح وسهر الليالي…مع المعاناة، لأن له هدفا في الحياة، هو رفع راية القدس والكلمة والحق.. في الكتب والصحف…فضلا عن تدريسي مدة طويلة بمدارس رسمية وخاصة…

س: ما معنى أن تكون شاعرا اليوم؟
ج : الشاعر في نظري صاحب رسالة، وأنا من أنصار الأدب الملتزم الذي يتبنى فيه الأديب قضية ما… وبما أن القضايا المصيرية تعصف بمجتمعاتنا، فأن تكون شاعرا يعني أن تحمل أمانة الدفاع عن الحق المسلوب، وعن الشعب العربي الذي يتعرض للتنكيل، وعن الإنسان الغارق، والمهاجر في بحار الموت…
نعم، أن تكون شاعرا، يعني أن ترفع راية الحرية، وتشهر كلمتك في وجه الحاكم الجائر، والأحزاب المستسلمة، والمؤسسات التي تنهب الشعب… وتصرخ في وجه التعصب والعنصرية، والإعلام المزيف المتزلف…!
أن تكون شاعرا يعني أن تدافع عن رؤية كونية تتبناها في وجه الجور والاحتلال الاسرائيلي الذي ينكل بكل ما هو عربي، حتى الشجر…فضلا عن نبذ التناحر الداخلي بين الأخوة، والدفاع عن رسالة إنسانية تتمسك بالقيم والحقوق… في وجه الاحتقان والتحريض المذهبي الذي يهدف إلى ترسيخ زعامات ومصالح ضيقة!

س: هل تنحاز إلى أي من الشعراء؟
ج : نعم، أنحاز إلى الشعراء الذين يلامسون آلام أمتنا وحضارتنا وقيمنا… أنحاز إلى كل شاعر ثائر يكتب بالأحمر… أنحاز إلى شعراء المبادئ والقيم الذين لا يكتبون للتباهي أو التصوير أو الشهرة… أنحاز إلى أولئك الذين يدخلون في الصراع المصيري، فيحاولون التغيير، وتوعية الشعب وتحريضه على حقوقه…
وبالمقابل، أرى أن من يتزلف لذوي السلطة من الشعراء على حساب حقوق الشعب، لا يمت إلى رسالة الشعر بصلة، مهما كان القالب الشعري الذي يصب فيه أفكاره (شعر تقليدي أو حديث أو…).

س: كيف تصف علاقتك بالشعراء؟
ج : علاقتي مع زملائي الشعراء مميزة، فأنا أقرأ لهم، وأعجب بكل كلمة جميلة منهم تهز الوجدان والفكر والقلب… مع تحفظي على من يكتب إرضاء لنفسه فقط، أو يبتعد من القضايا الكبرى التي تحتاج إلى تشخيص وتوثيق أو تغيير.
وفي المقابل، لي موقف من الشعراء النرجسيين الذين لا يقرأون سوى أشعارهم، ويعتقدون أن الكتابة خلقت لهم وحدهم… لهؤلاء أقول: تواضعوا، واعترفوا بجهود غيركم، وشجعوا المبتدئين والشباب والطلاب على الكتابة.. فنحن لغتنا رحبة، وقلبها كبير كبير… فلماذا تنكرون على غيركم امتطاء جمال اللغة والكتابة والتعبير؟!

س: هل تتقبل النقد؟
ج : أرى أن كل من يرفض النقد، غبي ومنغلق وضعيف الثقافة والعقل… فالنقد يقوّم الاعوجاج، ويطور الأداء، ويشارك مشاركة فعالة في العملية الإبداعية، شريطة التزامه بأسس موضوعية ومناهج دقيقة، ومعايير مقنعة…
أنا إنسان أخطئ، ولست كاملا، فالكمال لله وحده، فلمَ أرفض النقد؟ إنني صدقا أفرح حين توجه لي ملاحظات حول أشعاري حتى لو كانت من طلابي…

س:من يحق له منح لقب الشاعر؟ ومن يحق له انتقاد الشاعر؟
ج : سؤالك إشكالي بامتياز… ولا سيما أننا نعيش واقعا أدبيا وشعريا متألما ومؤلما… فالجمهور العربي عامة منشغل بدفن قتلاه أو بالسياسة أو الثقافة السطحية، فيما تسود بعض المراكز الثقافية حالات الوصولية وغياب التخصص أحيانا…
ومع ذلك، تجارب واعدة ومميزة في الدول العربية عامة، لا تزال تحافظ على الحد الأدنى من المعايير الدقيقة في تصنيف الشعراء ورعايتهم… فلا ننكر دور بعض دور النشر ووسائل الإعلام والملتقيات والمنابر… لكن بالإجمال، هناك خلل ما لا بد للتعاون العربي المشترك من ردمه… والمهمة صعبة في ظل الانشغالات بسفك الدم، والاضطرابات وغياب التنسيق…
أما من يحق له انتقاد الشاعر، فإنني أرى أن المتلقي هو الحكم، سواء أكان شاعرا أم مفكرا أم عاديا… فاللغة العربية في صدر الإسلام هزت من خلال كلمة القرآن الكريم كل شرائح المجتمع…لذا، من الطبيعي أن تحرك الكلمة عبر الشعر الجماهير بكل مستوياتهم، حتى الأميين من خلال الإلقاء…
باختصار، قد ينتقد الشاعرَ الأميّ والشاعرُ وحتى الناقد… والشاعر ينبغي أن يكون رحب الصدر لكل هؤلاء، لأن المتلقي ليس واحدا، والنص يقبل قراءات متعددة بتعدد القراء…

س: هل للقصيدة تأثير في الرأي العام في ظل الواقع الحالي؟
ج: هناك تأثير بسيط للقصيدة في الرأي العام؛ والسبب عائد إلى انشغالات الرأي العام بوسائل أخرى غير الشعر، كوسائل التواصل الاجتماعي في المقام الأول، وضروب التسلية في وسائل الإعلام… لذا، على الشعراء الوصول إلى الرأي العام من خلال الوسائل الحديثة… ومع ذلك، يبقى تأثير الشعر في الرأي العام ضئيلا… حيث غابت تلك الأسواق التي كان يقصدها الناس لتشجيع هذا الشاعر أو ذاك، وغاب الاهتمام بلغة الشعر والضاد، والجمهور العربي عامة مسكين، فهو بين الموت، أو هارب من الموت إلى الموت…

س: كيف تقيم الأداء الشعري؟ وهل تتوقع ولادة شعراء جدد؟
ج : سؤال كبير… الأداء الشعري يتراوح بين الجيد والرديء والصاعد… ولا ننكر الدور الفاعل لشعراء مرموقين عربيا ودوليا…
-نعم، أتوقع ولادة شعراء جدد، فلغتنا شاعرة، وتنتج كل يوم شعراء، وهؤلاء بعضهم تتاح له فرصة الظهور، وكثير كثير غيرهم مغمورون، أو لا توجد مؤسسات ومجلات لترعاهم… وهنا، أدعو إلى إنشاء منابر جمة لهؤلاء، ونشر نتاجهم، ومساعدتهم على تطوير أدائهم، وأدعو أيضا إلى عدم احتكار ساحات الأمسيات والندوات… وفتحها فقط لشعراء معينين… فلم لا ننوع بالأسماء؟ ولم لا تستضيف المراكز أكثر شعراء غير مسيسين أو غير مشهورين؟ كفى احتكارا…!

س: ألا تعتقد أن الإلقاء يساعد في إيصال مضمون القصيدة؟
ج : بالطبع، الإلقاء يساعد على إيصال المضمون، ويضيف جمالا على النص، ويشارك في بروز الإيقاع والوقف والنبر والنغم والمد… بقوة ولطافة وإبداع. فكم من قصيدة عادية جملها الإلقاء! وكم من قصيدة رائعة أخل بها الإلقاء الرديء! وهنا، أدعو الشعراء إلى الاهتمام أكثر بفن الإلقاء؛ لأن هذا الفن له أصوله وقوانينه ورواده الذين يمكن الإستفادة منهم، عبر تقليدهم.

س: هل أصبحت تشعر بأن جماهيريتك أو انتشارك يلقيان بثقلهما على قصيدتك؟
ج: بالتأكيد، أنا أحسب حسابا للمتلقي والناقد والمتذوق في أثناء التجربة الإبداعية… وحين نعلم أن نصوصنا وأشعارنا ستكون في دائرة النقد، هذا يحتم علينا أن نقدم العمل الخالي من الشوائب…فالمتلقي يراقب ويتذوق وله حسّ وذوق… فلا يعقل أن نخدش ذوقه… بل على العكس، ينبغي إثراء ذوقه بلوحات فنية رائعة في الشعر.
وبما أن شعري يطرح قضية وطنية جامعة لأحرار العالم؛ أي القضية الفلسطينية بكل قدسيتها، فهذا يحتم عليّ رفع درجة اليقظة حتى يخلو شعري تقريبا من الشوائب الفاضحة…لأننا نحن في الصفوق الأولى للصراع، والآخر الإسرائيلي يراقب ويتربص… ويحاول الاصطياد… ولا سيما بعد انشار أشعاري في الوكالات العالمية كرويترز.

س: لمن تكتب الشعر؟
ج : أكتبه للعرب وللقدس وحجرها وزيتونتها، والعربي الغارق، والأطفال الذين يذبحون ويصلبون، وللحق والتحرير والشهداء المحرومين، والمخيمات واللاجئين، وبيروت والقدس وصور، وحيفا ويافا، وأحرار العالم، والمتطوعين الأجانب الذي يتضامنون مع قضايا الإنسان الفلسطيني، وأنظم شعري تنديدا بالعنصرية والاستيطان… وأكتبه لشهداء مجزرة قانا، والشهيد الأول بمخيمات صور مرعي الحسين…وللأم والأب والجد والصديق والقيم والسلام… والمعتقلين ورائد صلاح ودلال المغربي، وشهداء ملجأ النادي ، وشهداء مقر الأمم المتحدة… وأكتب للحب والوطن العربي كله والمرأة والأم… لأن كل شيء جميل يشي بالأم؛ رمز الخصوبة…

س: ما هي طموحات د أنور الموسى بعد فوز قصيدته (بيت القدس الساحر) بالمرتبة الأولى في ملتقى شعراء وأدباء العرب؟
ج : لا أطمح بمنصب أو سلطة أو مال أو جائزة أو تكريم… صدقا، أنا بطبعي لا أرغب في الظهور إلا خدمة لقضايا المحرومين، مهما كانت جنسيتهم أو دينهم أو لونهم… لكني أطمح بأن يصبح شعري وكتاباتي وثيقة قانونية أو إنسانية، تدين الاحتلال الإسرائيلي، والظالمين…. وترميهم في سجون العار.

س: كيف تتفاعل بوصفك شاعرا مع ما يجري في فلسطين والوطن العربي؟
ج : هذه القضايا تهز كياني ووجداني، وربما كانت من أكبر الدوافع التي جعلتني شاعرا… فإن لم نكتب عن هذه القضايا، فماذا سنكتب؟ عن الحب؟ فما فائدة ذلك إذا كانت أم العرب وحبيبتهم مغتصبة؟ ففلسطين ليست للفلسطينينن فقط، بل هي لكل أحرار العالم…. لذا، لم أتردد في إطلاق تسمية (زيتونة القدس) على ديواني الأول الذي مدحته وكالات عالمية…

س: ما سبب تسميتك لديوانك بزيتونة القدس؟ ولم معظم شعرك عن القدس؟
ج : القدس في ديوان “زيتونة القدس”، تمثل الضمير والقيم والمقدس والحنين والعودة… على أن العودة لا تقتصر على حلم العودة إلى القدس وفلسطين؛ إنما عودة إلى لبنان الجوهرة، وبيروت الجمال، ودمشق السلام، والشام الكرم، وبغداد العز، والنيل العطاء، والأم المتفانية، والأب الكادح، والمتواضع النجيب، وآثار صور والتراث، والتاريخ المشرق، والشهداء الأطهار…
نعم، القدس تمثل القيم والصبر والصمود…والعنفوان والمقدسيات اللواتي يدافعن عن شرف الأمة… والحياة… والتراث والتاريخ الإنساني العربي والحنين…
“الزيتونة” تؤشر إلى الخصوبة والصمود والتجدد والعطاء… والقدس بمآزرة الزيتونة، تشي بالفردوس المفقود الذي يحن إليه المعذب مهما كانت جنسيته أو أصوله، حنينه إلى الحياة الجنينية والتراب والأمان والمهد والبيت العتيق… وهكذا، حين عُرِّفَتِ الزيتونة من خلال إضافتها إلى القدس، بتنا وجها لوجه أمام التحرير والانتصار، والثورة والشهادة، والتواضع والنقاوة.
من الطبيعي والحالة هذه أن يتشرف قلمي بالحديث المسهب الحار عن القدس وفلسطين، رمزي الحياة التي يحاول الاحتلال خطفها…فهل في رأيك من قضية أشرف من فلسطين لنعبر عنها؟

س: لماذا أهديت ديوانك زيتونة القدس للأميركية؟
ج : نعم، أهديت ديواني للفتاة الأميركية التي استشهدت في فلسطين وهي تدافع عن عرض العرب وشرفهم… بصرف النظر عن دينها أو لونها… فهي شهيدة بامتياز… ومن الطبيعي أن نرد لها التحية… فهي قدمت دمها على درب الحرية والتحرير…
وقد أهديتها الديوان بكل صراحة حين قلت في التقديم…وحتى لو كانت أوروبية أو أثيوبية أو هندية… سأهديها كل أشعاري… لأنها عروس الثوار والأحرار…

س: لم تحدثت عن ديوانك الجديد (زيتونة القدس) الوكالات العالمية؟
ج : …ربما مدحت المواقع والوكالات كوكالة (رويترز) ديواني؛ لأني صادق…ولأن قضية القدس وفلسطين…قضية حرية…أو ربما لأن كلام الحق عنوان الديوان…أو لأنهم تعاطفوا مع الشهيدة الأميركية التي أهديتها الديوان… أو ليظهروا أنهم يغطون كل وجهات النظر…وهنا أشكر كاتب الموضوع المميز عن ديواني الأستاذ أيمن سعد الذي أوضح في موضوعه لرويترز مرامي الديوان…وأن كل ما يحدث في العالم العربي ناتج عن الإحتلال الاسرائيلي لقلبنا فلسطين….

س: هل من إصدارات جديدة لك تحت الطيع؟
ج : نعم، هناك دراسات جمة تحت الطبع، منها: ديوان جديد، وكتاب المجازر الإسرائيلية في الأدب العربي (دار النهضة العربية ببيروت)، وكتاب مناهج البحث العلمي في الدراسات السياسية والإنسانية، والهزيمة والتمرد في ديوان (مراثي القبيلة) للشاعر العراقي عبد الله عباس خضير، ودراستان عن الشاعر المرحوم علي خاتون ابن بلدة جويا الجنوبية…

س: ما كلمتك الأخيرة؟
ج : أدعو إلى الاهتمام أكثر بما أطلق عليه (الأدب المنتفض)؛ لأن الكلمة في الصراع مع إسرائيل تثور وتقاتل وتحرر وتنتفض… ولأن الأدب كالسلاح في التحرير والرفض والتمرد…
وأدعو أيضا إلى الاهتمام بالمواهب والأدباء والشعراء الجدد… وأدعو بعض الشعراء المشهورين إلى التواضع أكثر؛ لأن التواضع هو رمز الإنسان والأدب… ومن سمات العلماء…

س: ما القصيدة التي تهديها لجمهورك عن طريقنا؟
أهدي القراء قصيدة “مستوطن…”، لأن من المؤسف أن الشعراء عامة نسوا نظم قصائد في هجاء المستوطنين الإرهابيين…!
مُسْتَوْطِنٌ… نَاهِسٌ خَانِسٌ
مُسْتَوْطِنٌ مِنْ خَلْفِ جِيْبٍ دَاعِسِ
يَطَأُ الرَّضِيْعَ وَصَدْرَ طِفْلٍ نَاعِسِ
وَالغَدْرُ يَلْوِي رَأْسَ كُلِّ طَهَارَةٍ
لَيَّ العِدَى، جُبْنًا، لِعَظْمِ الفَارِسِ
فَارْجُمْ بِشِعْرِكَ جَوْرَ وَغْدٍ نَاقِمٍ
لَبِسَ الخِدَاعَ، وَنَابَ كَلْبٍ نَاهِسِ
مِنْ زُمْرَةٍ نَشَأَتْ غَرَائِبَ أَزْمَةٍ
وَلَرُبَّمَا شَرِبَتْ شُرُوْرَ حَنَادِسِ
مِنْ آلِ صُهْيُوْنَ الأُولِيْ يَبِسَتْ بِهِمْ
صِدْقًا، بُذُوْرُ حَدَائِقٍ وَمَدَارِسِ
مُتَطَلِّعِيْنَ إِلَى الخَرَابِ كَأَنَّمَا
يَسْتَجْمِعُوْنَ بِهِ حُدُوْدَ عَرَائِسِ
فَشِلُوا بِمَيْدَانِ المَكَارِمِ والعُلَى
وَكَأَنّمَا حُفِرُوا قُبُوْرَ مَغَارِسِ
وَجَنَوْا دَمَارَ الخِزْيِ مِنْ رَسْمِ الرَّدَى
بِأَكُفِّهِمْ، وَلَبِئْسَ فِعْلُ الخَائِسِ
فَهُمُ عِقَابُ الرَّبِّ لَعْنَةَ أنفسٍ
وَذِئَابَ أَعْدَاءٍ وَسُوءَ مَجَالِسِ
وَهُمُ غُبَارُ الحُزْنِ بَصْقةَ أَحْمَقٍ
وَحِبَالَ أَعْنَاقٍ وَدَاءَ رَوَامِسِ
فانْهَضْ أَيَا شَعْبَ الكِفَاحِ بِثَائِرٍ
قَدْ قَامَ بَيْنَ رَمادِ نَصْرٍ آنِسِ
وامْدُدْ إليْهِ بِكَفِّ قُدْسٍ نَاصِرٍ
حَتّى يَعُوْدَ إليْهِ عُرْسُ الكَانِسِ
فَالحُرُّ مُفْتَقِرٌ إِلَى هَجْرِ الفِدَا
فَقْر الوِسَامِ إلى جَبِيْنِ الفَارِسِ (من الكامل)