لليل الأخير ل”اسماعيل توبة” صراع بين قمري الواقع والخيال
2019-04-26
قراءة في كتاب
391 زيارة
بقلم الكاتب نبيل مملوك
الليل الأخير ل”اسماعيل توبة” صراع بين قمري الواقع والخيال
يأخذنا إسماعيل توبة في روايته الليل الأخير الصادرة عام 2018 إلى عالم يتعادل فيه الخيال والواقع في ٱن معا، فشخصية غابريال النحاس الإجرامية منذ الطفولة وحتى الاحتضار تعكس بسلوكها حال شريحة لا بأس منها من البشر الذين يخفون قسوتهم خوفًا أو تأنيًّا تحت سقف الكبت.
في الرواية المقسمة الى أربعة فصول تسلسل متين اتخذه الكاتب بالرغم من أنها تجربته الأولى، فلم يقع في فخ الإسهاب والاطالة، ما جعل الأسلوب يتخذ موضع النهر المتدفق بسلاسة.. وأعطى القارىء القدرة على تتبع حال الشخصيّة وعلاقاتها بباقي الشخصيات، حيث ركّز توبة على التحدث باسم غابريال وهو المنهج الأسهل…
وكان لافتًا في السياق السرديّ نفسه ابتعاد الكاتب عن الشعريّة واستبدالها بالحوار الذي دار بين غابريال نحتس ومدام هولاند من جهة وبين الأول وسعيد من جهة أخرى.. و ناهيك عن حوارات مقتضبة مع باقي الشخصيات.
أمّا من ناحية الفكرة فإنّ استنباط توبة للأسلوب الحركي أو البوليسي من الأعمال السينمائية الرائجة حاليًا ليضعها في قالب روائي سلس يحرّك عنصر الخيال لدى المتلقي فيشعر بغرفة غابريال نحاس وبطباع المعلم مارسيل المنهار لحظة افتقاده ابنته سلمى ومشهديات عدّة لخصت الرؤية الاجراميّة للبطل الذي ردد في وعيه ولاوعيه على مدى ال 152 صفحة عبارة انتقام ومشتقاتها رابطًا اياها بفكرة الأم التي خيّل اليه انها انتحرت نتيجة هجر الزوج لها والعار التي لطخت الأبنة مارلين فيه سمعة العائلة باسم الحب، لغة الاجرام كما علّق الدكتور محمد علي شمس الدين في مقدمته تفوح منها الدماء مما يجعلها فوق الطبيعة وموجودة في عالم التصور فقط الا أنّ توبة مزج الواقع بالخيال حين تخلّى عن لاانتمائه وحياديّته جاعلا مبدأ الثواب والعقاب يطاردنا والشخصية في غير مرحلة خصوصًا بعد انتقال غابريال نحاس النجار الفقير المبدع من لبنان الى فرنسا ليغدو مجرمًا ثريًا وقع كاداة بين عصابة تتاجر بالبشر.
وفيما يتعلق باحداث الرواية تسجل لاسماعيل توبة نقطة مهمة وهي المامه بالتاريخ اللبناني والعالمي ما جعله أيضًا يضيف خلطة تجديدية جاعلا ما يحدث الان من استغلال وقتل شنيع وتنكيل يرتبط بحال المنقمين نتيجة المجاعة والبؤس في الحربين العالميتين الأولى والثانية..
ما يمكننا طرحه على الكاتب بعد قراءتنا لفيلم مصغّر في كتاب.. هل فقد غابريال نحّاس البعيد بأفعاله عن الله قدرته على التمادي شيطانيًا أم أنن الانتقام بشكل شنيع كان غاية ليرد له ضحكة أمّ لم تقسُ عليه؟ لتبقى الرواية أمسيةً لن يقف بريقها عند ليل أخير.