التحليل النفسي للقصة القصيرة!
2019-03-25
مقالات
396 زيارة
البروفيسور أنور الموسى
سألني أحد طلابي: ايجوز تطبيق التحليل النفسي على القصة القصيرة بدلا من الرواية؟ وهل سنصل إلى نتائج دقيقة؟ ولم يتفاعل القارئ مع هذا الجنس ويشعر بالراحة بعد القراءة؟
… أسئلة جمة أثارها الطالب، وهي تنم عن شغفه بالقصة من جهة، وتوقه إلى النقد النفسي!
بصرف النظر عن الموقف من القصة القصيرة، وتعدد تعريفاتها.. كان جوابي الواضح: نعم، يجوز تطبيق التحليل النفسي، ليس فقط على القصة والرواية، بل على كل الآداب والفنون أيضا!
ولا شك في أن موقفي ينطلق من تطبيقات رواد التحليل النفسي ومواقفهم من الآداب والفنون، وكذلك تجربتي الطويلة في التحليل النفسي للأدب!
فمن منا لا يذكر أسطورة نرسيس والأوديب..؟الم يؤكد فرويد نفسه أن الشعراء والروائيين هم أساتذة علماء النفس؟
ففرويد حين سئل عن أساتذته الذين بلوروا أفكاره النفسية أشار بأصبعه إلى مكتبته حيث اصطفت روائع الكتب العالمية!
وليس بعيدا من التنظير، فإن تطبيق معطيات علم النفس على الأدب يشهد رواجا مقبولا في الرسائل والاطاريح.. ويكفي أن أشير إلى أني أشرفت حتى الآن على نحو ١٠ أبحاث منهجها نفسي.. ناهيك بعشرات الأبحاث الصفية الأخرى!
فكل الأجناس والأعراض تستوعب معطيات التحليل النفسي.. وفي ما يتعلق بالقصة القصيرة، فهي تضم شخصيات جمة، وكل شخصية لها سلوكياتها وعقدها وردات فعلها وحالتها النفسية..
وقد يكون الكاتب نفسه قد أسقط عقده أو حالاته النفسية على شخصياته.. وقد تكون الأخيرة تعاني من عقد نقص أو نرجسية أو اضطرابات.. فهل من منهج اغني من النفسي ليضيء على كل تلك الحالات؟
والواقع أن التحليل النفسي له اتجاهات جمة..لكن الغربب وجود الآراء المسبقة التي تغلف هذا المنهج.. من نوع أنه يركز على الجنس والرموز الجنسية!
الواقع أن من يتهم هذا المنهج بتلك التهم، ينطلق فقط من اتجاه نفسي واحد هو الفريدي، متجاهلا بقية الاتجاهات كالادلري واليونغي واللاكاني وغيرها!
ولا نغالي إن قلنا إن بواعث التشويق لقراءة القصص القصيرة تعود أساسا إلى حالة نفسية عند المتلقي.. إنها أوالبة التماهي التي تدفع القارئ إلى الإعجاب بالبطل والتفاعل مع الأحداث التي يمر بها…!
حتي إن نهاية القصة وعناصر السرد والتشويق.. لا تخلو من أثر نفسي… فهي تعكس بشكل أو بآخر أواليات الدفاع عند الكاتب والمتلقي في آن معا؛ كالكبت والتسامي والإسقاط والنكوص…
مجمل القول: إن التحليل النفسي للقصة القصيرة يعمق فهم النص والدراسات.. وهو ميدان خصب يمكن أن يفيد الدارسين متى فهموا النظريات النفسية.. والسؤال هنا: حتام تبقى معطيات علم النفس بعيدة من مناهج الدراسية في المراحل كافة؟
ناقد ومحاضر في الجامعة اللبنانية