السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / مقابلات وتحقيقات / الشاعر د. محمود عثمان: للحرمان وموت والدي الأثر الكبير في تجربتي الإبداعية!

الشاعر د. محمود عثمان: للحرمان وموت والدي الأثر الكبير في تجربتي الإبداعية!

حاوره أ. د. أنور الموسى

الشاعر د. محمود عثمان لإشكاليات فكرية: للحرمان وموت أبي الأثر الكبير في تجربتي الإبداعية!
في سفوح جبل المكمل بزغت موهبته، وفي جناح قرية “الشعر والعسل” حلقت صوره وإيقاعاته، ووسط درب المعاناة، أكد ذاته…، ليغدو غزير الإنتاج… إنه الشاعر د. محمود عثمان الذي يكشف سر إبداعه المتمثل في فاجعة حلت به وهو طفل، حين فقد والده… إنه حدث يعد بمنزلة “الزلزال” الذي دفعه إلى التعويض.. بحيث غدا غزير الإنتاج بعد نشره مجموعته الشعرية الثامنة: “للعصافير أجنحة ولي أهدابك” وهي من الشعر العمودي والتفعيلة…فمن هو هذا الشاعر؟ ومتى ظهرت ميوله الأدبية؟ وبمن تأثر؟ وما موقفه من النقد والحرمان ووسائل التواصل الاجتماعي والالتزام… ؟

1- من هو الشاعر د.محمود عثمان؟
أنا ابن مزارع من سفوح جبل المكمل في شمال لبنان.من قرية بيت الفقس المعروفة ببلدة الشعر والعسل.طرابلسي الهوى والإقامة شتاءً.

2-متى ظهرت موهبتك الإبداعية ؟ ومن شجعها؟ وهل من حدث أثر في إبداعك؟
في الصف الرابع الابتدائي أتقنت الكتابة والقراءة العربية الفصيحة. وفي المرحلة التكميلية كان أستاذ اللغة العربية الخطيب والشاعر أبو مازن (عثمان حسين عثمان) مشجّعًا لي ولأترابي على المطالعة والمنافسة في كتابة مواضيع الإنشاء وإلقاء القصائد.أذكر أنه أحضر المدير وطلب مني قراءة موضوع مسابقة الإنشاء أمام الطلاب وهو مندهش من المستوى الإبداعي الذي يتجاوز عمري . ثم إنّ رحيل والدي باكرًا كان حدثًا مزلزلًا في حياتي .

3- من أثر فيك من الشعراء والأدباء ؟
في المراحل الأولى تأثرت، إلى جانب شعراء القرية، في شعراء المقرر الدراسي وأدبائه كأبي القاسم الشابي وعمر أبو ريشة وأمين نخلة ومارون عبود وجبران ونعيمة وأبي ماضي وشوقي ثم لاحقا درويش والسياب ونزار وسعيد عقل والأخطل الصغير وأدونيس… فضلًا عن الشعراء الأعلام في التراث العربي.

4- يُلاحظ تبنّيك قضايا إنسانية في شعرك.ما الباعث؟
تجربة اليتم التي عشتها زرعت في داخلي إحساسًا عميقًا بالظلم والميل العفوي إلى القضايا الإنسانية .وعلى المستوى العام أميل إلى المشردين والمضطهدين والمهمّشين الطيبين.

5-لِمَ تنحاز إلى الكتابة الملتزمة لا أدب البرج العاجي؟
في البدايات كنت ملتزمًا بشكل عفوي القضايا الوطنية والقومية .ثم أصبحت ملتزمًا الهواجس العميقة للإنسان على المستوى الوجودي. وذاك كما تلتزم الشمسُ شعاعَها والقمرُ نورَه.

6-خبرنا عن نتاجك الأدبي وجديدك؟
في الواقع، تأخرت في النشر حتى سن الثلاثين.ثم انقطعت بضع سنين وعدت بقوة .لي ثمانية دواوين منشورة وخمسة كتب في النثر. وجديدي مجموعة “للعصافير أجنحة ولي أهدابك” وهي من الشعر العمودي والتفعيلة.

7- هل تقبل النقد ؟ وماذا يضيف لك التكريم؟
أتقبّل النقد الذي يقنعني وليس الصادر عن أفق محدود أو مزاج مريض .أما التكريم فهو جزء من الاعتراف بك والتقدير لك.وفي أعماق كل منا حاجة عميقة إلى التقدير وإن حاولنا إخفاء ذلك.

8- ما رأيك في الواقع الشعري الآن، وما موقفك من المنتديات والمنابر الثقافية المتشرذمة؟
لكل عصر ولكل جيل شعراؤه .وإن تراجع الاهتمام بنجومية الشعر .وما ظاهرة التشرذم في المنابر والمنتديات سوى تعبير عن طفرة وهوس يعيشه البعض إذ يظن أنَّ إنشاء منبر ثقافي واحتكاره يجعل منه شاعرًا ومرجعًا ثقافيًا.

9- هل تجد النشر في وسائل التواصل الاجتماعي دليل عافية، وما رأيك في ما يُنشر؟
أتاحت هذه الوسائل النشر للجميع كبارًا وصغارًا. فهي بهذا المعنى ديمقراطية جدًا.وفي الكثير من الأحيان يختلط الحابل بالنابل وتضيع المعايير.وتنتشر السحب الدخانية.إلا أنَّ الفجر لا بد من أن يسطع ويتميز الشاعر من الشعرور .

10- ما سر غزارة دواوينك؟
وهل يُسأل النبع الهدّار عن سر قوة تفجّره، أو النهر عن غزارة تدفقه.

11-ما الشعر في مفهومك؟ وكيف يؤثر الواقع وبيئتك في شعرك؟
الشعر أوسع من يُعرّف او يُؤطر .تبسيطًا هو الكلام المموسق اللمّاح الذي يحدث في المتلقي قشعريرة ودهشة .والشعر ابن بيئته الطبيعية والاجتماعية .خذ مثلا الشعر العباسي الذي تميز بالتفنن والصناعة والشعر الأندلسي النابض بألوان الطبيعة أنهارًا وجبالًا وغيومًا وغناءً .

12-هل من علاقة بين الحرمان والإبداع؟
أظن ذلك. فالاطلاع على طفولة المبدعين وحياتهم يبين وجود حرمان عاطفي أو نفسي كان حافزًا لهم لإثبات الذات من طريق الإبداع.

13-ما كلمتك الأخيرة؟ وماذا تهدي قراء المجلة؟
كلمتي الأخيرة : آمن بنفسك أولاً يا نبيّ الكلمات ليؤمن بك الناس.
وأهدي القراء هذه القصيدة.

غموض

أزيحي غناءَ العصافير حتى أراكِ
أزيحي العبيرَ لكي يُبصرَ الوردُ
وجه الملاكِ
أزيحي النّجومَ لكي أستريحَ بعتمة روحي
ألمُّ دموعي التي أصبحتْ في الغياب خطاكِ
سوايَ يحبُّ رنينَ الكؤوسِ وأهوى شذاكِ
سوايَ يُحِبُّ وكيف يُحِبُّ المُحِبُّ سواكِ؟
ألا تبعدينَ الوضوحَ قليلًا
لأسبكَ بعض الكلام الجميل على مستواكِ
ألا تبعدينَ الغموضَ قليلًا
لأفهمَ معنى الهوى في هواكِ
وكيف أرتّبُ دربَ النّجوم لأجلكِ أنتِ
وكيف سيصعدُ منّي النبيذُ إلى مقلتيكِ
وكيف سأهبِطُ منّي إليكِ
وهل من سماءٍ تكونُ إذا لم أكن في سماكِ؟