السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / مقابلات وتحقيقات / المدقق اللغوي كونان: أرصد أخطاء المشاهير خوفا من شيوعها!

المدقق اللغوي كونان: أرصد أخطاء المشاهير خوفا من شيوعها!

عرف بالمدقق كونان، تكنى بهذا الاسم، ولم يظهر اسمه الحقيقي، اشتهر حسابه على الرغم من ابتعاد اهل اللغة عن لغتهم، طرحنا عليه أسئلتنا، بعض هذه الأسئلة طرحها أشخاص علموا بنيتنا إجراء المقابلة، أثر في الكثير من الذين يدرسون اللغة العربية ومن الذين لا يدرسونها.

أحببنا أن نشارك تغريدة غردها على حسابه في تويتر، لنستهل بها مقابلتنا هذه.

‏‏كنت أفكّر: هل هناك من يعتقد أنّ اسم (المدقّق كونان) متعالٍ وفوقيٌّ على غرار حسابات تزهو بمهن أصحابها، مثل الدّكتور غيض والمهندس فيض والقاضية دلال والشّاعرة منال؟
صدقًا، لم أعن هذا. يوم أنشأت الحساب استحضرتُ شخصيّة “المحقّق كونان” ووجدت في “المدقّق كونان” حنينًا ودغدغةً لطفولةٍ مضت.

لن نكثر من التقديم والتأخير، وسنجعل الحوار يجيب عن بعض ما يريد البعض معرفته….

1-من هو المدقق كونان؟ وما الغاية من التكني بهذا الاسم؟

‏”المدقّق كونان” حسابٌ على تويتر يرصدُ الأخطاء اللّغويّة في تغريدات المشاهير من صحافيّين ومذيعين ومقدّمي برامج وأدباء وفنّانين وغيرهم، ويصحّحها خوفًا من شيوعها، خصوصًا أنّ لهذه الأخطاء جماهيرَ غفيرة.
قبل أن تزورنا آلامُ الطّلق، كان لا بدّ من اختيار اسم للمولود. ولأنّي أمّه وأبوه خطرَت في بالي، ذاتَ مرّة، شخصيّة “المحقّق كونان” الكرتونيّة، ووجدْتُ أنّ هذا الجناس غيرَ التّام سيترك وقعًا وأثرًا ما في نفوس بعض المتابعين.

2-هل يحمل التخفي تحت هذه الكنية أهدافا سامية كعدم حب الظهور والتواضع، أو أنها خوف من إعلان النقد بالاسم الحقيقي؟

حسابُنا ليسَ حسابًا ناقدًا أو ساخرًا. مهمّتُه في الدّرجة الأولى التّصحيح.
أعتقدُ أنّ الاسمَ الوهميّ يضع كونان على مسافة واحدة من الجميع حيث لا عداوات ولا صداقات.

3-هل المدقق كونان متخصص باللغة العربية؟

‏ نعم، ويتابع دراساتِه العليا في كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة – الجامعة اللّبنانيّة.

4-هل يعمل المدقق كونان في حياته الواقعية المتخلصة من التمويه في مجال التدقيق اللغوي، أو أنه حصر تدقيقه في في عالم الواقع الافتراضي؟

‏ كونان، حتّى هذه اللّحظات، لا يعمل. لكن لا أخفي عليك، ثمّة عروضُ عمل قيد الدّرس.

5-وصف المدقق كونان بأنه دكتور في التدقيق اللغوي، والدافع في ذلك براعته، على الرغم من حداثة سنه، فما هو السر الذي أدى إلى إتقان المدقق كونان للغة العربية ولمفاتيحها؟

‏ كي تتقنَ شيئًا ما عليك أن تحبّه، تعامله برفق، تخصّص له وقتًا طويلًا للّعب، تضع له كرسيًّا بقربك على مائدة الطّعام، تغطّيه جيّدًا حين ينام على الطّرف الآخر من السّرير وتتأكّد أنّه يتنفّس.
لا تحتاج اللّغة إلى مفاتيحَ للدّخول إليها. بيتُها مفتوح وقلبُها كذلك. اقتربْ منها قليلًا تجدْها فاتحةً ذراعيها.

6-هل للمدقق كونان كتابات في مجال اللغة، أو أنه حصر عمله في مجال التدقيق؟

‏ لديّ آراء وتساؤلات حول العديد من القضايا اللّغويّة، أطرح بعضًا منها على تويتر وأعرضها للنّقاش.

7-يستحضر بعض المراقبين تصورات عن كتابات المدقق كونان، ففي رأيهم إن كتب فإن كتاباته ستكون جافة متجردة عميقة، بمعنى اختيار المفردات الصعبة غير المتداولة ربما، ويرون السبب هو تعمقه في التدقيق فهل يصح ما يفترضون؟

‏ في جولةٍ سريعة على تويتر سيجد أيُّ متصفّح أنّ كونان لا تغريه الصّعوبة، لا تستهويه ولا يبحث عنها. هو مدركٌ أنّ البساطة تقرّب وتجمع. هناك مَن يعاني مِن وجع في لسانه العربيّ ويأخذ موقفًا سلبيًّا ضدّ لغته ويوازيها بالأشباح…كلّ هذا بـ “فضل” الصّعوبة والتّعقيد والغرابة.

8-كيف يصف المدقق كونان الوجود الفعلي للغة العربية في الحياة اليومية، كأن يكون حديثه بمجمله باللغة الفصيحة، أو بتخير الكلمات في الحديث مع العامة، أو…؟

‏ بين العاميّة واللّغة الفصيحة، لا يقف كونان مع طرف دون آخر. لكلّ منهما قواعد ومبادئ أساسيّة. “الغريب” هو الحرف اللاّتيني. مع ذلك، ألاحظ تراجعًا لافتًا للـ “العربيزي” في وجه التّوأمين خصوصًا على المنصّات الافتراضيّة. أمّا في الحياة الواقعيّة فتداخلُ اللّغات يثري ويُغني ولا يشكّل خطرًا على العربيّة. لا للتّقوقع وطمر الرّأس في الدّاخل. لغتُنا ليست سلحفاة.

9-المحتوى العربي على الشبكة العنكبوتية يوصف بالضعيف أو غير الغني، ما هي الاقتراحات التي يجدها شاب مثلك لإغناء المحتوى العربي، بجوانبه كافة؟

‏ليدركِ المعنيّون ضرورة أن يمشي المحتوى سيرًا على قدميه، يطرق بابَ غرفة المتلقّي ويجلس في حضنه. أمّا ليصل إلى مبتغاه فواجبٌ أن يتحلّى بالبساطة والجاذبيّة، بعيدًا من الحوشيّ ومقابرِ الزّومبي.

10_هناك من يرى أنك تظلم نفسك كونك تموه اسمك الحقيقي… ماذا تقول؟

‏أقول له: شكرًا جزيلًا لحرصِك على نفسي.

11_ماذا قدمت التكنولوجيا للمدقق اللغوي؟

‏ فرصة لإنشاء حساب على تويتر ومطاردة المشاهير.

.12_ما مؤهلات المدقق… ؟وهل يحتاج الأخير إلى تخصص لغة عربية؟

‏ ليس كلُّ متخصّص جديرًا. ثمّ إنّ التخصّص وحده، من دون المتابعة والاجتهاد الشّخصي، لا يكفي لتصير مدقّقًا لغويًّا. المهم عندي أن يواكب المصحّحُ التطوّرَ اللغويَّ ولا يبقى محصورًا في مكانٍ وزمانٍ محدّدين فيخطّئ ما صُوّبَ عند كلّ روحةٍ ورجعة.

13_هل تكتب نصوصا؟ ومن يدققها لك؟

‏ أنا مدقّقي الخاصّ. أزيّن هفوتي، أضع لها قرطين، والقليلَ من أحمر الشّفاه.
لكن، مع الأسف، الخطأ اللّغويّ هو الخطأ الوحيد الذي أستطيع تصحيحَه.

14_هل توافق على مقولة ان الكاتب مدقق سيئ لنصوصه؟

‏ليس بالضّرورة، لكن أيّ كاتب؟ الشّاعر مثلًا؟ ليس مطلوبًا من الشّعراء أن يدقّقوا نصوصَهم. نحنُ في الخدمة دائمًا. ليستريحوا هم. في عالمنا كثيرٌ من المدقّقين وقليلٌ من الشّعراء.

15-ما أمنياتك وما كلمتك الأخيرة لمجلتنا وموقعنا؟

‏ تتقلّص الأمنياتُ مع السّنين وتصبح أكثر هشاشة. لم أتمنَّ قبل عشر سنين، وأنا أقطع قالب الحلوى، أن أُحاوَرَ يومًا. يبدو أنّ “عيبًا خلقيًّا” قد أصابَ “الواو” وهي في طريقها إلى أمنيتي. على أيّ حال، أتمنّى لها أن تخرج بالسّلامة من عمليّةٍ جراحيّة وشيكة.
كان هناك كلامٌ في داخلي يعوزه تربيتٌ خفيف ليخرج. سلمت يداكم.

.