كتبت أمل سويدان
من أنا في وطني؟ من أنا على أرضي التي كل يوم تبتلع روحاً وجرة من دمي؟ من أنا عند قوم باعوا النفس بغير حق مع كثير من الحقد؟ نعم. أنا الذي لا سلام بين أضلعه ينام، المتشرد بين أزقة السجون بلا جرم أو خطيئة إنما عظيم بلاء. أنا الكاتب بالرصاص خوفاً من ملاحقة الحبر الأسود حتى يوم الفناء…
لا شيء يعلو حلمي غير السلام، لم يكن بين دفاتر الأمم سوى الكره والعدوان؛ هويتي عنوان جنازتي وديني في أسقاع الأرض يطلب مخاصمتي قائلا: مرحبا بكم في بلد ملؤه الدخان بلا سيجارة أو سواد وسط النهار، أهلاً وسهلاً عند راوي الرماد الذي يحكي قصة تائهٍ عند منصة الحكام والسلام. لقد مر على الإتفاقيات الدولية عمر يكسوه الدم والقتل والحرمان ثم نقول كل هذا لأجل يوم نلاقي فيه السلام!؟ الأجساد ترقد في غاب الغدر والخيانة زاعمة أنها رهينة لأرواح تسير نحو الأمان؛ الرافضةُ لكلام يفيض من الذاكرة وجميع المكتبات والأقلام… أتساءل كثيراً، ترى من المذنب بحق أناس دفعوا ثمن المحبة والإحترام؟ من يرتل في الكنيسة أم من يصلي في محراب الإمام؟. ثم أسير وأرى فلسطين تدفع ثمن الإغتصاب صارخة يا للعراء! أين الطالب بصدق مظلوم لا يعرف معنى المواطنة ولا الإنتماء؟ يا لجور العالم على عبد لا يملك سوى لله دعاء، يا لدين يبيع أحكامه في المزادات هذا يجوز وذاك يصح إن أردنا لأنفسنا البقاء فما كنت أحسب أن الكره متسول ونحن له غمرة من الحنان… ثم نسأل ما الذي حل بنا وبئس الختام؟ أين الأرض وأين نحن وسط هذا الزحام؟ أين الكرامة التي أبت الخضوع لظلم العبد بلا خوف من عذاب السجان؟ لقد أُرغمنا على استئصال عروبتنا، كنا على وشك السقوط من هاوية الحياة إلى برزخ ما بعد الممات وتسألنا أين ضاعت كرامتنا! لقد خلّفناها عند قطار الشهداء. عذراً يا كل حالي وقُدسي؛ ما بقيتي لي شقراء تحتل كل كياني، ولا ثورة امرأة على عادات تسلطي وهواني. والآن صرت أفتش فيكِ عن مأوىً لجميع آمالي وصرخاتي، بتُّ أحارب لأجلك والبندقية فى خصام مع ذاتي ولأجلك ألف تضحية وشهادة افتخار كي لا تقولي ما أضاع كرامتي؟..
مهلاً!! ما زال بي نبض يقف عند سماع أنين ذلك الكلام، ما زلت أتوه في غابات موطني تاركاً للأمم التبرير حول مجزرة هذه الأغصان. هنا ورقة كُتب عليها النصر لغير الحق عُهر وابتغاء وهناك غصن يعزف لحن خرير الدماء في نهر وادي الشرفاء. وعلى جانب الطريق تكمن قصة الوحيد الذي يروي لنفسه قصة الوطن وشعب لا يستفيق. البداية من رصيف ضائع بين الأبدية واللانهائية سُجل عليه هنا تُدفن الضحية وتصارع حتى تلاقي ربها أعز لقاء، وعلى حائط مهمش خُط برماد الحضارة هذه الأم فلسطين تبكي وجع ابنتها شام…