الأحد , فبراير 23 2025
الرئيسية / مقالات / عندما يقتل الغرور الاحترام

عندما يقتل الغرور الاحترام

بقلم الأستاذ محمد خليل توبة

عنفوان السابق زال، وصرت أحترم اختلافهم، وصرت أتنازل عن الكثير لإرضائهم لأني أحبهم، وغيّرت الكثير من قوانيني لعل ذلك يرضيهم، ولكن احترامي أصبح بنظرهم هوان، وكأن احترامي كان الغذاء الذي ينمو به غرورهم، وصارت أهدافهم أن أبقى ذلك الذليل الذي يرضخ ويتنازل ويسامح، أن أعود لأرضيهم وهم لا يتنازلون، وكأن محور الكون هم.

لكنهم لم يعلموا أنه عندما كبر غرورهم خيّم على شمس الإرادة، فصار حاجبا لها، وبات غرورهم يحجب غذاء الإرادة للاستمرار باحترامهم، فهم أخطأوا بعدم تحجيم غرورهم، فحجب إرادة الاحترام، فتحرر العنفوان من تخديره واستفاق.

الآن سيقاسون المر بعودة المخدَّر، ذلك الذي كان يحكمهم وكانوا له طائعين، وكأن النفوس لا ترضى إلا أن تكون في مقامها، رغم أن الفرص تسنح لها لتتمركز في أماكن جديدة.

وللحق فإن البهتان دوما يزول وتنير منارات الحق وتزهو في فجر جديد، فهم لا يستطيعون العيش إلا في ظل العنفوان لأنهم كانوا في ظله عادلين، لم يكونوا من الذين يتخطون الحدود، وكانوا دوما متنبهين لمن يحيط بهم، وكانوا في ظله دوما محترمين، كانوا في ظله يقدّرون الخير والحب، كانوا في ظله يعرفون كيف يتذوقون الحب ويشمّون عطر المحبة، وعندما كبر غرورهم حجب عنهم حواسهم فباتوا لا يرون ولا يسمعون ولا يشعرون، باتوا في ظل غرورهم مجرد تماثيل ظاهرها جميل وباطنها حجر لا يشعر ولا يتحسس ولا يهتم، وكأن غرورهم رسم صورهم وحنطهم كي يكونوا مطواعا له.

ولأن من واجب المحب أن لا يسير في مسيرة تحطيم محبيه، سأعيد لعنفواني حياته كي يعود ويرسم لهم الطريق الصحيح الذي عليهم سلوكه، لأنهم إن استمروا بما هم عليه سيدمرون أنفسهم في نفسي، وستزول صورهم الجميلة التي في وجداني، وهذا هو موتهم، ولا أرضى لهم الموت، فلعل تعذيبهم سيعيد لهم الشعور والاحساس، فلن أسمح لما نحته غرورهم أن يسيطر، ولن أسمح له أن يستمر بجعلهم ينظرون في اتجاه واحد، فقط في ذلك الاتجاه الذي ألزمهم به، بل سأعيد لهم ميزة الالتفات ورؤية جميع الاتجاهات لعل ذلك يعيد إليهم بعض ما فقدوا، وسأزيل ذلك الرسم الذي رضيه لهم بأن يكونوا جامدين، وسأعيد لهم الحياة، فلربما بعض القسوة تعيد لهم مفاهيم الحياة، ولعل قرصة تعيد لهم الاستفاقة من تلك الغيبوبة.