بقلم الدكتور قاسم دنش
الشبح الهزلي في الانتخابات النيابية اللبنانية: مواقع التواصل الاجتماعي
تسع سنوات مضت على إجراء آخر انتخابات نيابية، كانت كفيلة لتغير واقع الحياة الإنسانية، إن بالسلوك الفردي، وان بالسلوك الاجتماعي. فقد حولت التكنولوجيا الرقمية واقع الحياة التقليدي، ففي عالم الاقتصاد مثلاً، يشتهر ما يُسمى بالاقتصاد المعرفي القائم على إنتاج وجمع وتخزين وتسويق المعرفة المكتسبة إجمالاً من بيانات الشبكة العنكبوتية وشبكات الهواتف المحمولة. في عالم التربية والتعليم، بدأت ملامح الغزو القادم في التعلم عن بعد بأسس وأنظمة أكاديمية عالية. في عالم الأعمال الإلكترونية، لا يخفى على أحد انتشار التجارة الإلكترونية إلى حد واسع، خصوصاً مع مساعدة مواقع التواصل الاجتماعي. حتى الحكومات تحولت إلى حكومات إلكترونية، اذ توفر لمواطنيها اجراء كافة معاملاتهم الرسمية عبر المواقع الإلكترونية. في ظل كل هذا، ومع التغير التدريجي للواقع المهني والاقتصادي والاجتماعي، هل سيبقى سلوك الناخب اللبناني نفسه في عهد الثورة الرقمية؟
لم يعد سرًا تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية بكثير من ألوانها: في العمل، وفي العلاقات الاجتماعية، وفي التعليم، وفي السياسة أيضاً. لذلك تعد مواقع التواصل الاجتماعي منبراً لآراء الكثير من الناس من مختلف الفئات العمرية، فلم يعد مثلاً فيديو لزلة وزير هنا أو سهو لنائب هناك ملكاً حصرياً لمصوريه، بل سيتشاركه الناس جميعًا، ما إن حُمّل على أحد مواقع التواصل الاجتماعي التي أضحت المغذي الأكبر لكل الوسائل الإعلامية. أما ما يعبر عنه الجمهور فحدث بلا حرج، مرة تصاريح عمياء تؤيد ذاك الزعيم، وأخرى مسيئة تنال زعيماً آخر، وبين هذه وتلك أقلام مدفوعة، وأخرى متملقة وأخرى عصبية جاهلة، إضافة إلى أقلام حزبية وعائلية وعقائدية وايديولوجية، وكلها مخزون في تقارير وتقارير بيد مستشاري بلاط الزعيم: محللي سلوك الناخب اللبناني.
ولكن كيف لو حذا الزعيم اللبناني حذو باراك أوباما باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للدعاية الانتخابية؟ فقد وصل عدد متابعيه إلى أكثر من 78 مليون شخص على تويتر، ونحو 20 مليون على فايسبوك، وكان يقضي ساعة يومياً على تويتر فقط للإجابة والرد على متابعيه. فهل يتأثر الناخب اللبناني بهذا النوع من الدعاية والإعلان؟
للإجابة على هذا السؤال ،قمنا بتحليل عدة استبيانات إحصائية، منها ما هو ورقي وزع بطريقة عشوائية في كل المحافظات اللبنانية، ومنها ما هو عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقد تبين التالي:
أكثر من 83.58% من مجمل اللبنانين لا يتأثرون بالدعاية الانتخابية بشكل عام و 93.50% لا يهتمون بالدعاية الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي.
يهتم 92.56% من مجمل اللبنانين بمعرفة آراء خصومهم السياسيين خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
81.87% من اللبنانيين لا ينشدون لخصمهم السياسي حتى لو كان يطالب بحقوق مطلبية عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
89.13% من اللبنانيين الذين يتأثرون بالدعاية الانتخابية هم بين 21 و 26عام.
أكثر من 78.52% من اللبنانيين لا يهمهم الإطلاع على خطة عمل المرشحين للانتخابات النيابية.
بعد عرض ما تقدم، يتبين إن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي وإن دخل دون استئذان في الكثير من عاداتنا وتقاليدنا وأساليب حياتنا، إلا أنه ليس مؤهلاً بعد لأن يخرق التعصب الحزبي والسياسي والطائفي في لبنان.