(إلى يولا، ملاك انتظاري)
2017-12-24
واحة الشعر والخواطر
473 زيارة
بقلم البروفيسور ديزيريه سقال
(إلى يولا، ملاك انتظاري)
خَبَّاْتُكِ في أَعْماقِ قَلْبي، وَغَطَّيْتُكِ بِنَبَضاتِهِ الدّافِئَةِ، خَوْفًا مِنْ أَنْ تَسْرُقَكِ عَيْنٌ مِنّي…
خَبَّاْتُكِ عَميقًا في عَيْنَيَّ، وَغَطَّيْتُكِ بِرُموشِهِما لِئَلّا تَبْرُدي، وَأَقْفَلْتُ عَلَيْكِ مُقْلَتَيَّ لِتَبْقَي فيهِما دونَ الآخَرينَ… وَلَكِنْ، عِنْدَما فَتَحْتُهُما، كُنْتِ غِبْتِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْكِ سِوى ظِلِّ مَلاكٍ، وَلَهْفَةِ الانْتِظارِ…
خَبَّأْتُكِ في واقِعِي، وفي حُلْمي، وَأَقْفَلْتُ عَلَيْكِ الأَبْوابَ، لِيَبْقى بِكِ واقِعي وَحُلْمي مَزْهُوَّيْنِ بِالنورِ، مُتَّشِحَيْنِ بِوَجْهِ الرَّبِّ. وَعِنْدَما بَحَثْتُ فيهِما عَنْكِ لَمْ أَجِدْكِ، وَلا وَجَدْتُ نورَكِ الرّائِعَ، وَانْكَسَرَتْ صورَةُ الرَّبِّ مِنْ حَوْلي، وَتَصَدَّعَ كُلُّ شَيْءٍ…
لَمْ يَبْقَ لي سِوى ظِلالٍ، هُنا وَهُناكَ، أُمْسِكُ بِها، خَوْفًا مِنَ السُّقوطِ في الـمَحْوِ وَالغِيابِ.
كُلَّما غَنَّتْ حَنْجَرَةٌ، رَأَيْتُ وَجْهَكِ، وَابْتِسامَتَكِ المورِقَةَ.
كُلَّما تَحَرَّكَ الفَرَحُ في مَكانٍ، أَلْفَيْتُ عَيْنَيْكِ تَبْتَسِمانِ… تَبْتَسِمانِ… وَوَجْهَكِ المشْرِقَ بِالحَياةِ يَمْلَأُ كِياني.
كُلَّما أَشْرَقَتْ صورَةُ “الميلادِ”، سَمِعْتُ صَوْتَكِ هاتِفًا بِالصَّلاةِ، وَغِبْطَتَكِ العَميقَةَ أَقْوى مِنَ العيدِ… وَها أَنَذا، في هَذا العيدِ، مِنْ غَيْرِكِ، أَنْبِضُ بِالصَّمْتِ العَميقِ، وَأَسْكُنُ الصَّدى، في عالَمٍ مِنَ الخَواءِ.
كُلَّما ابْتَسَمْتُ، رَأَيْتُكِ أَمامي تَبْتَسِمينَ…
كُلَّما مَسَّني الفَرَحُ لَحْظَةً، رَأَيْتُكِ أَمامي تَبْتَسِمينَ…
كُلَّما سَمِعْتُ صَلاةً، رَأَيْتُكِ أَمامي تَبْتَسِمينَ، وَصَوْتُكِ يَرْحَلُ في الصَّلاةِ بَعيدًا، كَأَنَّما كُلُّ شَيْءٍ يَهْمُسُ لَكِ.
لَمْ أُدْرِكْ، مِنْ قَبْلُ، أَنَّ العيدَ، كُلَّ العيدِ، فيكِ أَنْتِ، في روحِكِ الوارِفَةِ حَتّى انتِهاءِ الحَياةِ…
لَمْ أُدْرِكْ، مِنْ قَبْلُ، أَنَّ الميلادَ الحَقيقيَّ في حَياتي كانَ مِنْ قَلْبِكِ الرّائِعِ، وَأَنَّ الطِّفْلَ الَّذي يولَدُ، كُلَّ عامٍ، لِيَحْمِلَ البهْجَةَ إِلى حَياتي، كانَ قَلْبَكِ الَّذي يَخْزِنُ كامِلَ بَهْجَةِ الدُّنْيا.
لَمْ أُدْرِكْ، مِنْ قَبْلُ، أَنَّ اللهَ حَلَّ في قَلْبي لِأَنَّكِ حَلَلْتِ أَنْتِ فيهِ… لَكِنَّني عَرَفْتُ أَنَّه انْكَسَرَ هُناكَ، وَضاعَ مِنّي، عندَما غِبْتِ…
وَما زِلْتُ أَبْحَثُ عَنْهُ، هُنا وَهُناكَ، لِأَنَّكِ تُريدينَ هَذا.
وَما زِلْتُ أَنْتَظِرُهُ لَعَلَّهُ يَعودُ يَوْمًا إِلَيَّ،
يا مَلاكَ الانْتِظارِ.