بقلم صباح العلي
هل بلغت الإنسانية سن الرشد؟
الإنسانية كتعريف مجموعة من وجهات النظر الفلسفية و الأخلاقية التي تركز على قيمة و كفاءة الإنسان و تفضل التفكير و الاستدلال (العلاقية ،التجريبية)على المذاهب أو العقائد الثابتة أو المنزلة (الإيمانية).
ففي ثلاثينات القرن العشرين ،أصبح مصطلح الإنسانية مرتبطاً على نحو متزايد مع الفلسفة ،و مع العلمانية،و علمنة المجتمع فقد عرفها البيان الإنساني الأوّل الذي شكل رسمياً في شيكاغو من عام ألف و تسعمائة و ثلاثة و ثلاثين بوصفها (إيديولوجية تتبنى السببية، القيم، العدالة، بينما ترفض على وجه التحديد الأفكار الخارقة و الدينية كأساس للأخلاق و لاتخاذ القرار).
اليوم إلى أين وصلت الإنسانية من تعريفها فهي مجموعة من الجوانب الإيجابية و الأخلاقية للإنسان متجسدة بمدى محبة الناس بعضهم لبعض بصرف النظر عن العرق و الدين! لكنهم اليوم سخّروا الإنسانية في خدمة الدين و الشعائر و المعتقدات و جعلوا منها برنامجاً إيديولوجياً يساق حسب السياق و السباق. فالفوضى الحالية التي تغلي مراجلها وتفور سواء على الصعيد السياسي أم الأجتماعي أم التعليمي جعلت ربّان سفينة الإنسانية حائراً و كفّه على الدفة فتاهت السفينة بين الريح و الموج، و دبّ الذعر في الرّكاب فكانت البلبلة و كانت الجلبة و كانت الفوضى التي نعيش…
الإنسانية هي الروح التي تضفي على الجسد الأنس و السعادة و السلم و الأمن فروح الإنسانية بنظرتها الشمولية تهدف إلى استقرار البشرية.
الإنسانية تحتاج للحب ، و التحرر من الأنانية…الحب الشامل لكل الكائنات البشرية بلا استبعاد أحد. ولم يشذ الكاتب (ماكس اهرمان) عن هذه القاعدة عندما وجه رسالة إلى كل من يقرأ قائلاً فيها: ( حاول بقدر ما تستطيع أن تبني علاقات طيبة مع الناس، و استمع إلى الجميع)
في الزمن القديم كان هناك قيم إنسانية يقتات عليها المجتمع منها الكرم و الإيثار و التكفل بذوي القربى أمّا اليوم فلعمري لم يبقَ منها إلا الأسماء .يكاد من المحال أن تسمع أنّ شخصاً أغاث ملهوفاً أو أعطى دون مقابل .فبتنا نعيش أزمات قلوب لا بطون ، أزمات أفكار لا جيوب كذلك بتنا في زمن الفراغ الإيديولوجي ، و الخواء الروحي ، و الأقسى وهو الانسلاخ الوطني.
و السؤال الأهم : تُرى هل بلغت الإنسانية سن الرشد في ظل عصر التكنلوجيا و المعرفة فبات الأخ لا يعرف مايجري مع أخيه إلا عبر مواقع التواصل الأجتماعي و في عصر السرعة تلاشت القيم و العادات و أصبحنا في عالم اللاعالم .بكبسة زر بإمكانك أن تصل إلى أقاصي المعمورة و أيام قال فلان و أوصانا الشيخ فلان و عاداتنا تقول ذهبت جميعها أدراج الرياح…
الآن نصل للسؤال الأكثر أهمية : هل وصلت الإنسانية لسن الرشد أم شاخت و قريباً ستدفن في مقابر النسيان؟؟؟
تُرى هل سنتعلم من أخطائنا و نعاود إحياء الإنسانية و قيمها أم سنبقى نقتات على الخرافات و نتقيأ الفشل..
لكم الخيار…
بقلمي…