السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / ابحاث ودراسات عليا / فلنتفق على تدمير أنفسنا

فلنتفق على تدمير أنفسنا

[٣/‏١١ ٣:٣٨ م] نبيل مملوك: فلنتفق على تدمير أنفسنا

نبيل مملوك
لأننا نعيش في حالة حرب تدميرية
تتطلب منّا النباهة والمباشرة والسلاسة ….
ولأنّ المعسكرات الحاوية للأسلحة ,الرماح,السيوف ,البنادق ,المدفعيّات أصبحت متآكلة
من قبل أنياب المعرفة البشرية …صار الحديث عن حرب جديدة/قديمة هو الصحن الذهبي الذي يتهافت عليه جميع البشر من كل الأعمار دون البوح برغبتهم الغرائزية …
ولأننا نتبرّج بعطر سريّ ونتمشى واثقين من قوانا الشخصيّة …يفضحنا هذا السرّ متسللا
الى أسمى نقطة من البوح …ليبشرنا بشكل عنيف وهادىء ,ساخن وبارد …
أننا في ميدان الحرب النفسية …
ولأن المصطلح يعود الى ما قبل تبلور الديانات المسيحية مما يجعل الحديث عنه بخط عريض
وسطحي تحفة على وشك الاهتراء
سنكبّر عدسة التحليل البعيدة كل البعد عن أي معلومات تسبح في فضاءات بحثية
متحدثا كفرد عادي قبل أن أكون مثقفًا وصاحب درجة علميّة معيّنة …لنغرف
ما تحتويه الحرب النفسية في أيامنا هذي…أيّام الاتكاء على مواقع التواصل الاجتماعية
لبناء قاعدة عسكرية
غير مبنيّة على حشود أو أصوات أو انذارات …

لعلّ مصطلح حرب هو المصطلح الذي يتنافس مع الحب متصدرًا عقليّتنا وشهيّتنا
لدرجة تجعلنا نستخدم الثاني لنثر سياسة الأول …الحرب مصطلح تاريخي ,لغوي ,عسكري …أيًّا كانت الخانة التي ينتمي اليها فلن نصل الى مرحلة نستنتج من خلالها انها
تحت عباءة مصطلح أكبر منها
والحق أن كلمة نفسيّة المشتقة بديهيا من كلمة نفس أي ال “نحن ” (الشيخوخة لكلمة الأنا ) تجعلنا أيضا أصحاب شهية لا منقطعة تجرنا للبحث المتواصل عن أنفسنا دون الاعتراف بأننا ندور في حلقة مفرغة او ننظر الى أنفسنا في مرآة طلّقت زجاجها ….
اذن الحرب النفسة هي مركّب بشريّ جعلنا نتألم عاجزين عن بلورة نهاية ما …انتصارًا كانت أم هزيمة ..فلجأنا الى ابتكار وسائل تدميرية تحررنا من قيد الفشل بحسب تعبيرنا
يقول شيشرون (أحد المفكرين والخطباء الرومانيين ) في الحرب تصمت القوانين …
وبالفعل الأسلحة قد بترت القوانين ومزقت صفحات الشرعات والميثاقيات الدوليّة
المكتوبة بحبر عقيم….فاستنزفنا جميع المقومات الماديّة ووجدنا انفسنا نتدمر بسرعة …
منكلين في ذلك اللذة الطويلة الأمد للحرب أو بالأحرى للانتصار
فلجأنا الى العولمة التي أنجبت تطورًا تلاه احفادًا كوسائل التواصل الاجتماعي …
لطالما في كل ليلة انهي فيها يومي وككل البشر أعيد حسابات وأطوي صفحة من الاطمئنان أو الانكسار …لأبني أهدافا ليوم اخر وجديد …وكنت دائما أحاول التفتيش وتعقب تلك الطاولة النائمة في ظلمة أفكارنا …لأجدها في اليوم التالي تغفو بين أحضان التواصل الاجتماعي ووسائله
في هذا العالم …نرمي 80% من خشوعنا ونبحث تحت النيران الكلامية عن 20% من نباهتنا للرد…نستبطن ونفشل ,نستنجد احيانا ونشعر بذنب الغيرية …نكابر نشعر بجراحنا الملتهبة بسبب اشخاص يفوقوننا علما فيصفعوننا بهدوء …
نلجأ الى اقفتباس اساليب النكلين اسلافنا …متذرعين اننا ننتمي الى مدرستهم وفي الواقع نسعى ان نكون مدرستنا الشخصية
في هذا العالم …لا ينفع تطبيق سياسة الضرب واللكم والطعن…العقل يميت القلب والقلب
يختفي منسحبًا بعد كل قهقهة او سخرية من اشخاص ينشرون على جدران صفحاتهم
صورًا مثيرة للسخرية او مادة سخيفة بالنسبة لفخامة أنفسنا…نلجأ الى المؤثرات الصوتية (الموسيقى ,النشيد …) الى مشهديات تكون عندنا روح قتالية (منافسات كرة القدم ,منافسات ثقافية ,أقوال ,كتب ,مجموعات شعرية …) لنعيد لهيبتنا النزعة الأشرس
الحرب ما زالت في أولها …كل المطلوب من عدالتنا الافراج عن نوايانا
ليظهر كل واحد منا طاقته في دحر الاخر ….

نبيل مملوك: مقال بعنوان فلنتفق على تدمير أنفسنا