شعر ناجي مخ
أنا يا غادَتي
ما عادَ بي روحٌ
كأنّي في مساءاتي على ذِكْراكِ
أَنْتَحِرُ
كأنٌَ الموتَ خلفَ الحَرفِ
ينْتَظِرُ
فَمعْذِرةً
إذا كَسّرْتُ أقْلامي
ومعْذرَةً
إذا غادرْتُ أَنْدَلسي
ومنْ بانوا ومن حَضروا
فإنّ وساوِسَ الصحْراء مُقْنِعةٌ
وإنَّ سذاجَةَ الأَعْرابِ ممْتِعةٌ
فأعتَذِرُ
أنا يا غادَتي بَشَرُ
أنا يا غادَتي سئِمتْ أحاديثي
بيوتُ الشِّعرِ والصّوَرُ
أنا الجُنديُّ- قبلَ هزيمَتي-
لو مِتُّ أنْتَصِرُ
لماذا أُخْبِرُ المِرْآةَ أنّي لا أزالُ أنا
أنا أيلولُ
في أيلول لا يتشابَهُ الشَّجَرُ
دعيني أرْفعُ الآذانَ
إنَّ الناسَ قدْ صلّتْ على جسَدي
وإنّي بعْدُ أَحتَضِرُ
وإنْ كسّرْتُ أقلامي
فمعْذرةً
أنا يا غادَتي بشَرُ
أنا يا غادَتي
ما زِلتُ في بغدادَ مُنتَصِرًا
ومَدْحي في بني العبّاسِ كُفْرٌ
إنْ هُمو كَفَروا
أنا تَخْتارُني الكلِماتُ في أفواهِ مَنْ نطقوا
وفي أهدابِ مَنْ نظروا
لماذا لا تريْنَ مَفازَتي في الشِّعْرِ
إنّي
قدْ مدَحتُ الغيمَ حتى أمّهُ المطَرُ
تَخِذْتُ قناعَتي في العيشِ
في صحْوٍ وفي وسَنِ
وقدْ غيّرْتُ ما يحلو لذائِقَتي-
بلا أعذار- شكْلَ النّاقةِ العرْجاءِ
في زَمَني
وما زالَ النُّحاةُ على
على ما كانَ سيّدُهُمْ
أنا أسْتَلُّ مِنْ جَدَلي كتابًا آخَرًا في النّحوِ
يغْلبهُمْ
انا أسْتَلُّ مِنْ تَفعيلَةٍ مَكسورَةٍ بحْرًا
وما ظَنّوهُ ينْكَسِرُ
سوى في كُلِّ أشعاري التي انتحَرَتْ
على كَتِفيكِ، في عيْنَيْكِ
في المأوى الذي في نهْدِكِ الأُمويُّ
لا يُبقي ولا يَذَرُ
فمعذرةً
إذا مزّقتُ أوراقي
ومعذِرةً؛ بَلاطُ الحاكِمِ العربيّ في بغدادَ
ينتَصِرُ
ومعذرةً على الشكْوى
فإنّ الشِّعْرَ – أحْيانًا- بهِ خَفَرُ
أنا يا غادَتي السمْراءَ
لا أقوى – كما موسى-
على الإبحارِ
إنَّ لذاذَتي الصحْراءُ والخِلاّنِ
والخَطَرُ
ولي في كُلِّ ناحِيةٍ
بنو عَمّي
أنا العرَبيُّ يا غادا
وأنتِ كأنّكِ المدْسوسُ في شِعْري
أُلاحِظُ أنَّ في الأبياتِ
قافِيَةً
على ما قُلتُ مِنْ غَزَلٍ
بها الرومِيُّ
لا عُمَرُ
فمعذِرَةً
وأنّى كنتُ أعتَذِرُ؟
أنا سأعيدُ للأوراقِ ثانِيَةً بِكارَتَها
أما تدرينَ يا غادا
بأنّ بِكارةَ العذْراءِ تُرْجِعني
الى بِستانِ حارتِنا
كأنّي أبلغُ العشرينَ ثانِيَةً
وحينَ أقولُ بيْتًا واحِدًا مِ الشِّعْرِ أفتَخِرُ
لماذا لا أفُضُّ بكارَةَ الأوراقِ
في أُخْرى
وأنتَظِرُ؟
ناجي مخ، الحقوق محفوظة©