بقلم مريم خلف
كان صباحاً مرّ المذاق… فعلى غير العادة لم يوقظها صراخ المنبه, نهضت سريعاً لتسابق الوقت في الوصول باكراً.
عند المحطة كان هناك قطار وحيد بدا ضاجاً بالركاب, حاولت إلقاء نظرة سريعة فإذ بحافة عينها تجد مقعداً يناديها و كأن القطار كان ينتظرها لتملأ فراغه.
عندما لامست المقعد أحست بالأقمشة تعانقها، وبقشعريرة أراحتها وأنستها الثمن الباهظ الذي دفعته لشراء تذكرة هذه الرحلة.
أرادت تفقد الوقت, لكن الأرقام على ساعة يدها أبت أن تتحرك. جذبت نظرها ساعة يحملها الجدار, فبات قلبها ينبض على دقات ثوانيها وتأخذ أنفاسها على إيقاع دقائقها.
ابعدت عينيها عن تلك الساعة بصعوبة لتتفقد وجوه من سترافقهم رحلة ساعة من الزمن, كانت ملامحهم ممحية و ابتسماتهم بالية,لكن كانوا يحملون في أجوافهم آثار الآلام نفسها المتراكمة على جلدها, وشحوب عينيها من سهرٍ طال, و الضعف في يديها الذي يذكرها كم عانت مع مرضها.
في تلك اللحظة مرت حياتها كشريطٍ رمته الحياة من بين وجوههم المجردة من أي أمل.
طلبت بصوتٍ خافت ,”أريد النزول”, أجاب الجميع بصوتٍ أصم,”لا وقوف هنا, أنه قطار الوقت”.