السبت , فبراير 22 2025

…سعيدا لا غنيا!

بقلم د. عبد الكريم إبراهيم

…سعيداً لا غنياً !

«كان من السهولة بمكان ..أن أدرك أنهم غير سعداء …! كانت بيوتهم الفخمة، سياراتهم الفارهة، ثيابهم و موائدهم الثرية تكاد تضللني في الظن أن المال قد جعلهم سعداء.!»
عبوات الادوية المضادة للاكتئاب الراكنة في كل زاوية ، كانت الجواب الشافي لأعرف بذلك الهاجس الشيطاني القبيح الذي سكن أرواحهم ، و راح يكبر مع كل درهم يدخل الخزينة …مخرجا راحة البال و الطمأنينة من نفوسهم ، آخذة بتلك النفوس نحو عالم حزين من اللهاث وراء المزيد من المال و قدر أقل من السعادة …!».
جدلية المال و السعادة ، جدلية شاغلةٌ للبشر عبر العصور ..!!
قرأت ذات مرة مستمتعا قول أحدهم :  «عندما كنت صغيرا كنت أظن أن المال أهم مافي الوجود ، واليوم بعد أن كبرت اكتشفت أنني كنت على حق ..!!». تلك المقولة لم تكن لتقنعني رغم روح الفكاهة الجميلة التي تسكنها ، ربما كان عليه ان يكمل و يقول (( أريد أن أجمع قدرا من المال يكفيني لأعالج الأمراض التي أصابتني جراء جمعه ..!)) . على حد قول الدي لاي لاما مندهشا (( يضحي الانسان بصحته من أجل المال ، ثم يضحي بالمال كي يستعيد صحته ..!!)).
ربما من السطحية بمكان البحث في أهمية المال ، لاسيما حينما ترتبط الامور بخواء المعدة ومداهمة المرض ، بدرء البرد و تحصيل المعرفة كأسس لاستمرار الحياة ..!! ولكن السؤال الأهم : هل كان الاغنياء عبر التاريخ اكثر سعادة من الفقراء !!؟ ربما كانوا أكثر قدرة على الحياة و لكني كليّ شكٌ أنهم كانوا أكثر سعادة …!!
من هنا جاء قول أحدهم : (( الجميع يدرك أن المال لا يجلب السعادة و لكن الجميع يريد تجريب ذلك ..)) !!
أظن أن اقتران قيمة العمل بالمال ، يرجح أهمية المال أيام الشباب حيث العمل ، ليصبح السعي وراء المال محور الحياة ، وقد يدخل لدى البعض كلاعب أساس في أهم مفاصل الحياة : (( المرأة تصادق فيلسوفا و تحب شاعرا ، و تتزوج تاجرا ..!!)).
تداهمنا الشيخوخة ، تشرع الصحة بالهروب و تأخذ الحكمة و عظة الأيام مكانها في النفوس، لنعرف حينها أن المال يمنحنا الطعام دون أن يمنحنا الشهوة و المتعة فيه ، يعطبنا الدواء و ليس بالضرورة ان يجلب لنا الشفاء!!
ربما سنقتنع متأخرين أن المال يشتري أي شيء لكنه لايشتري الحياة…! و ربما في الخاتمة سيتملكنا قول مخائيل نعيمة الجميل : ما أفقر الذين لا ثروة لهم إلا المال ! !! د.عبدالكريم ابراهيم