بقلم محمد دهيني
جالسا في آخر العمر أبحث عنك وعني،
فقلت لنفسي: جرّب حياة الذين يعيشون يوما رفاهية الواقع المر ؛ ذلك يعني علي أن أحمل الآن سيجارة من عيار ثقيل وفنجان بن وأدخل مقهى، واحمل في الكف شيئا جميلا يسمى الجريدة…
جلست بداخل مقهى يسمى الألم …
حملت الجريدة حتى أمارس فن القراءة مثل الذين رأيت بشارع بيروت قبل السلام …
قرأت الصحيفة الجرح كانت ملونة أحرفها بالأحمر الصارخ
الوقت صار سرابا
نفخت بسيجارتي ؛ الجو صار ضبابا
لمحت بذاك الدخان صبيا يسير
وراء الصبي هنالك أمٌ تطير
وأخت زفير …
قرأت الجريدة للمرة العاشرة
رأيت أبي يحمل الطفل من دون رأس ومن دون كف …
وصرت أكمّل هذي القراءة سطرا فسطرا
فيمشي بي الدمع زحفا الى مطلع الحزن حيث الكثير من الفحم والشحم واللحم والأمنيات …
فناديت نادل هذا الخراب
أريد على الفور فنجان بُنّ يّبصّر فيه
رأيت بفنجان قهوتي الآن ذاك الصبي الذي كان يوما يسير
رأيت الكثير
رأيت العسير
وشيخا أسير
وأما بلا أي ثوب تطير
وبنتا بعمر الورود تُلفُّ بثوب حرير
رأيت المئات
رجعت لأقرأ ما قبل آخر سطر بتلك الجريدة ؛
سطرا بحجم الألم
يصور كل الأمم ..
وكل القمم
ويصرخ من دون فم
: أنا قانا
أنا أرض ترايي دم
وعمري هم …
انا كل شي بهذي الحياة يسمى الألم …
رجعت لأقرأ آخر سطر بتلك الجريدةْ
رأيت هنالك أما عنيدة وبنتا عنيدة رأيت هنالك زهرة نرجسَ كانت تقول :
انا إبنة الدم بنت الألم …
سأفرش هذي الحياة بعطر أهم
وأحمل هذي الجريدة حتى أمزق كل السطور التي تنهك الذاكرة …
سأحمل أول صفحة جرح لأمحو فنجان قهوتك المر حتى يصير بياضا ينبأ بالقمح بعد الحصاد ويرفع هذي البلاد
سأقلب يوما حروفيَ حتى أسمى الأمل
وحتى أظل العناد …
محمد حسن دهيني
كي لا ننسى قانا 96