بقلم أمل سويدان
إنتقلت إلى رحمة الوطن، المأسوف على شبابها، جريدة السفير، وسيحدد الدفن لاحقاً.. الآسفون: عمال الجريدة، الصحافيون اللبنانيون، نقابة الصحافة.
إنني اليوم والفقر يملأ قلمي بعدما جف حبره، أعزّي عائلة الصحيفة بجزيل المحبة وأدعو لها بالصمود والقوة والاندفاع لولادة شاشة من صلب عريق ومجيد… اليوم؛ وفي كل سنة سنحيي مرة ذكرى ولادتها وأخرى عند وفاتها، نقف -واليد موجه اصبعها- من على منبر الإعلام وربما ليس لدي الحق حين يتكلم نبراس الصحافة، محامي الناس، الجزء الثاني لأفراد المحاكم الديمقراطية منها والديكتاتورية( ولا يسعني إلا أن أذكر الاثنين معاً تخليدا للجهود التي حفظت الأقاويل من على المقاعد وكسبها…). منذ اليوم وفي كل نشرة أخبار سترفع أقلام وتذل أخرى ويعلو الصوت قائلا: لماذا نشتري صحيفة إذا أمكنا شراء صحفي؟ ماذا لو سلبنا من الإعلامي حقه… لكان أشبه ببائع الخضار يزيّن البضاعة لتنفق…؟ منذ اليوم يحتاج الصحافيون إلى التحرر من فهم دورهم على أنه وساطة بين السلطات السياسية وعامة الجمهور، وعليهم الانضمام إلى المجتمع المدني والحديث مع قرائهم ومشاهديهم. فجزء كبير من الصحافة عبارة عن أناس لا يجيدون الكتابة يقابلون أناسا لا يجيدون التحدث لأناس لا يجيدون القراءة.لقد تضاربت البورصات المكتوبة وأصبحت مقالاتهم وأفكارهم تباع في المزاد وبحسب قيمة كل كتاب يصرخ السمسار: من يزيد! لنرى أن أكثر ما يدفعه المشتري أقل من ثمن حذاء مرصع باللمع والسواد.
بعيدا عن حلقة الدراما التي أخذت من الصحافة مسلسلا طويلا بطله كل مناضل كتب بالعريض ودفن، حيث لا مستقر له من الاضطهاد. وفي ظل هدا العزاء؛ العزاء لكل ورقة فقدت عذريتها وفض غشاء بكارتها منذ ان اغتصبت عفتها وكرامتها( جريدة السفير) واكتست ثوباً أسود ظاهره الأبيض الشفاف..