السبت , فبراير 22 2025
الرئيسية / مقالات / بكلمات: سر قوة الضعف…. والفرق بين الشخصيات.

بكلمات: سر قوة الضعف…. والفرق بين الشخصيات.

بقلم محمد توبة

لم أر أشد بأسا وحزنا من نظرة أم الى ولدها المألوم، فترى مقدار الهم الذي يعيشه ابنها أضعاف أضعاف في قلبها، ويصبح  قلبها يتفطر بصمت، وتبدأ جوارحها باصدار علامات الضعف، ويتوقف عقلها عن التفكير الا بذلك الولد المكلوم، وهنا تبدأ منارات الفرج وسر الانفراج، حيث يصبح كل هذا الضعف قوة تستجمعها في كلمة يقين ودعوة صارخة تفتح لها أبواب السماء، وهذا السر العجيب هو قوة الضعف.

 

 فهل يعد سر الدعاء بالضعف؟

 

للدعاء سر خفي ظاهر، نعم إنه بحاجة الى ما يخفى في القلب، وظهور الضعف.

وقمة العجب أن قوة الدعاء تكمن في الضعف، فدعوة المظلوم لا ترد، وقمة الظلم هي أن تتقلب عليك محن الحياة فتصبح سلعة تتاجر بك هذه المحن، لتنفذ بك تجارب غريبة في زمن صعب، فتارة ترميك في مختبر الألم وأخرى في غابات الحيرة، واشدها بأسا هو الأمل المرتبط بأي خبر، فتصبح متأملا بالخير، وكل ما تراه يصبح خيرا. وما ذلك الا في حالة واحدة.

 

فما هي حالة ذلك المتأمل بالخير؟

 

إن الناس صنفان: مستبشر هائم، ومتشائم ثائر.

والانقى أن يكون الانسان مستبشرا بحدود البِشر فلا يهيم عقله بحدود بعيدة فيصبح يرسم صورا وآمالا تنتهي بخيبات أمل معهودة، فالعقل يرسم صورا بناء على أمانيّ النفس ويعظم تلك الصور ويكبرها، وعندما تتضح صورة ذلك الخيال يكون كل مرسوم غير المعهود في باطن النفس، وما ذلك لأن كل شيء يخالف ما نتمناه، إنما بسبب المبالغة في رسم الحدود المعهودة، والقمم الموعودة.

 

وينطبق هذا المنطلق على حدود الشؤم بحيث أن ذلك الذي يرى كل أمر ضده، ومتعامل عليه، يصبح امرئا لا يرى النعم، وتصبح حدود التشاؤم فالتة من أصولها فتطال مختلف أصول الحياة، فتتقلب بنظره الأمور فلن يرى الا ما هو بخلاف ما يريد، ويصبح عقله مصببا على منابع الشؤم فيرى كل ما يخالف هواه، ويصبح التأفف مواله المألوف. وما ذلك الا لأنه فتح أمام عينيه رؤية كل ما لا يهواه، وسلط عقله على نفسه ليدلها على بواعث الشؤم.

 

فما هي الشخصية التي يجب أن يتعهدها الانسان ليحصل على ثوابت الرؤية؟

 

مما لا شك فيه أن خير الأمور عدَلها، فإن الانسان يجب أن يعيش ما بين التفاؤل والتشاؤم، ومعنى التفاؤل لا يعني أن الأمور تسخر لك، كما أن معنى التشاؤم لا يعني أن الأمور تعاديك وتعاندك، وإنما معنى التفاؤل أن يجهز الانسان نفسه لما يعتريه من غموض ولكن من دون دخول هيام النفس وأهوائها، لأن النفس تتمنى دوما إن كانت لها خوالج، ومعنى التشاؤم أن يعلم الانسان أن لأمور الحياة مؤهلات يجب أن يتملكها فلا تأتي الأمور بالهوى بل بالتجهز، وبذلك الشخصية التي يجب تحصيلها بين يديك، هي تلك التي تعطي كل نصيبه، فالتفاؤل له نصيب والتشاؤم له نصيب. وان سيطر أحدهما على الآخر تباينت الأمور وتخالفت لترجح كفة واحدة على أخرى وبذلك فشل ذريع.

 

(محمد توبة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.